سورة الرعد
  بها من أناب إلى الله سبحانه وتعالى ورجع إليه.
  {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ٢٨}(١) فالمؤمنون قد صدقوا بآيات الله التي جاء بها النبي ÷ واطمأنت قلوبهم إلى صدقها واستيقنت أنفسهم أنها من عند الله، وأخبر الله سبحانه وتعالى أن دواء القلوب هو ذكره جل وعلا، وقد يكون الإنسان في قلق وخوف وتوتر دائم لا ينفك عن ذلك وعن هموم الدنيا ومشاغلها، ومن أين سيأكل؟ ومن أين سيطعم أولاده؟ و ... و ... ؛ فإذا تذكر الله سبحانه وتعالى، وعرف آياته، وأن السماوات والأرض تحت قبضته وتصرفه - عرف أن الرزق من الله سبحانه وتعالى، وأنه لن يصيبه إلا ما قد كتبه له، وإذا كان في مصيبة عرف أن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يأتيه بالفرج، مما يبعث على الطمأنينة في نفسه، وبذلك يزول قلقه وهمه.
  ومن صفة المؤمنين أنهم ينتفعون بآيات الله وبذكره(٢)، وتطمئن(٣) قلوبهم
= ذكرنا، ولا مفر من هذا التفسير.
(١) سؤال: ما إعراب قوله: {الَّذِينَ}؟ وما وجه عطف المضارع {تَطْمَئِنُّ} على الماضي {آمَنُوا}؟
الجواب: يعرب «الذين» بدلاً أو عطف بيان على {مَنْ أَنَابَ ٢٧} فيكون في محل نصب.
وعطف المضارع «تطمئن» على الماضي «آمنوا» لأن المفروض على المؤمن أن تكون طمأنينته متجددة دائماً إلى أن يموت، ولا يكفيه أن يطمئن مرة ثم لا تتجدد بعد ذلك، والمضارع يفيد التجدد والحدوث فاستدعى الحال أن يأتي بالمضارع.
(٢) سؤال: هل تريدون بذكر الله عموم تذكر الباري تعالى وكل ما له صلة بذلك، أم أنه القرآن فقط؟
الجواب: المراد بذكر الله أن يكون القلب مؤمناً بالله وبجلاله وعظمته ومهابته ومؤمناً بعدله وحكمته وصدقه بوعده ووعيده و ... إلخ، فإذا كان القلب كذلك اطمأن ورضي عن الله فيما ابتلاه واندفع إلى ذكره وشكره وطاعته، فإن فاته شيء علم أنه لحكمة ومصلحة في العاجل والآجل وأن ثواب الله خير من الدنيا وما فيها، ولا يزال قلبه معلقاً بالله لا ينقطع رجاؤه به ولو كثرت عليه الشدائد والمضايق، والقرآن الكريم يحيي هذا الذكر في القلب ويزيده ويقويه.
(٣) سؤال: إذا قيل: نحن نقرأ القرآن باستمرار ولا نحس بالطمأنينة فما هو السبب؟
الجواب: إذا لم تحصل الطمأنينة فذلك لحصول نقص في التدبر: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى =