سورة الرعد
  الإنذار والبشارات، وتبيين آيات الله وحججه وبيناته وشرائعه وأحكامه.
  {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}(١) أخبر الله سبحانه وتعالى أنه أرسل محمداً ÷ فلم يستجيبوا لدعوته، ورفضوها وكفروا بالرحمن الذي نعمه ظاهرة لهم ومكشوفة، يرونها ويحسون بها ويلمسونها؛ لأن الرحمن معناه المنعم بالنعم الظاهرة المكشوفة، وذلك مما يدل على شدة عنادهم وتمردهم عندما يرون نعم الله سابغة عليهم ثم يكفرون ويتمردون؛ لأن العاقل من شأنه ألا ينكر الشيء الواضح الظاهر، فكفروا بالله سبحانه وتعالى بالرغم من كل ذلك.
  {قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن يخبر المشركين بأن الرحمن هو ربه لا يشرك به شيئاً، ولا يعدل عن عبادته.
  {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ٣٠} ويخبرهم بأنه متوكل عليه ومسند ظهره إليه، ومستمد للنصر من عنده، وأن يخبرهم بأن مرجعه(٢) إليه يوم القيامة، وليقل للمشركين أن يفعلوا ما شاءوا فمرجعهم إلى الله فيجازيهم على أعمالهم.
  {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} يبين الله سبحانه وتعالى شدة عناد قريش وتمردهم وكفرهم بالرحمن الذي نعمه ظاهرة مكشوفة لهم، وكفرهم بالقرآن الذي آياته واضحة وظاهرة مع أن عقولهم قد شهدت بصدقه، وحجيته قد استقرت في قلوبهم، فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه لو كان هناك كتاب يهد الجبال ويزعزعها، أو يشق الأرض ويمزقها،
(١) سؤال: فضلاً ما محل جملة: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} الإعرابي؟
الجواب: محلها النصب على أنها جملة حالية.
(٢) سؤال: هل نفهم أن معنى {مَتَابِ ٣٠} مرجع فمم أخذ؟ وهل يصلح أن يحمل على التوبة؟
الجواب: «متاب مصدر ميمي لتاب يتوب توباً وتوبة ومتاباً، ولا مناسبة لتفسير متاب بالتوبة، بل المعنى ما ذكرنا مثل: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٧٠}[القصص]، {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ}[الأنعام: ٦٠]، {إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٧٢}[الأنعام].