محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الرعد

صفحة 322 - الجزء 2

  أو يكلم⁣(⁣١) الموتى لهدها هذا القرآن⁣(⁣٢) من شدة بيانه وصدقه، ولشق الأرض وقطعها، ولكلم الموتى لقوة وقعه وشدة صدقه.

  يبين الله سبحانه وتعالى للنبي ÷ أن عدم إيمانهم ليس لأن الحجة لم تظهر لهم، أو لنقص في القرآن، بل إنما كان كفرهم وعدم إيمانهم لشدة عنادهم وتمردهم، وليرفع عن قلبه الشك في أنه لو زاد لهم آية واضحة وظاهرة لآمنوا، لأن هذا القرآن من آيات الله العظيمة الذي من شأنه أن كل من وقف عليه عرف صدقه وآمن به، وهو أكبر الآيات الدالة عليه فلا آية أوضح منه، وأخبره الله سبحانه وتعالى أن كفرهم به وبما جاء به ليس إلا عناداً وتمرداً.

  {بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا}⁣(⁣٣) فتدبير أمر السماوات والأرض بيده وحده، والحكم


(١) سؤال: يقال: لم يظهر لنا تكليم الموتى بالقرآن، هل المراد إحياؤهم حتى يعقلوا خطابه أم المراد غير ذلك وضحوا ذلك؟

الجواب: المراد تعظيم القرآن وبلوغه في البيان وقوة الحجة الغاية التي ليس وراءها غاية، وهذه الآية مثل آية الحشر: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ٢١}.

(٢) سؤال: هل لحذف جواب «لو» ضابط معين أم أنه يحذف في جميع حالاته؟

الجواب: الأصل هو ذكر جواب «لو» ولا يحذف إلا لعلة تقتضي حذفه، فقد يحذف للعلم به كما هنا، وقد يحذف للتهويل والتخويف إذا كان المقام مقام تخويف وتهديد وتهويل فإنه يحذف من أجل أن يترك ذهن السامع في دهشة وحيرة من عظمة ذلك المخوف المجهول فيذهب ذهنه كل مذهب وهو يحاول أن يتصور ذلك المخوف المجهول.

(٣) سؤال: فضلاً ما علاقة هذه الجملة {بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} بما قبلها؟ وما فائدة الإضراب فيها؟

الجواب: ما قبل هذه الجملة هو في الاحتجاج على المشركين وبيان تمردهم وإصرارهم على الشرك، فكانت هذه الجملة رداً لاعتقادهم وإثباتاً لتوحيد الله واختصاصه بملك السموات والأرض ونفوذ أمره في الملك كله، ليس لمعبوداتهم في الملك شيء.