محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الرعد

صفحة 323 - الجزء 2

  له وحده، ولا نصيب للأصنام في شيء من ذلك.

  {أَفَلَمْ⁣(⁣١) يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} ألم يعلم⁣(⁣٢) المؤمنون ذلك، وذلك أن النبي ÷ والمؤمنين كانوا يريدون من الله سبحانه وتعالى أن يأتي لقريش بآية ليؤمنوا، فرد الله سبحانه وتعالى عليهم بذلك الرد وأنه لو شاء لأدخل الناس جميعاً في الهدى، لكنه لم يشأ ذلك؛ لأن التكليف سيبطل، وقد اقتضت حكمته ومشيئته أن يوكل الناس إلى اختيارهم ومشيئتهم لما يترتب على ذلك من الجزاء؛ لأنه لا يصح الجزاء إلا على الأفعال الاختيارية.

  يريد الله سبحانه وتعالى هنا أن يقطع طمع النبي ÷ والمؤمنين من إيمان أولئك المشركين، وأنهم لن يؤمنوا مهما جاءهم به من الآيات والحجج، وأنه لم يبق إلا أن يدخلهم في الإيمان كرهاً، وذلك مما يتنافى مع الحكمة.

  {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ


(١) سؤال: ما معنى الاستفهام في الآية: {أَفَلَمْ ...

الجواب: معناه: التقرير لما بعد النفي، ويصح أن يقال إنه للإنكار أي: إنكار النفي.

(٢) سؤال: مم أخذ أن معنى «ييأس»: يعلم؟ وما العلاقة بينهما؟

الجواب: قد قيل: إن «ييأس» بمعنى: يعلم، في لغة النخع، واستدلوا بقول الشاعر:

ألم تيأسوا أني ... ابن فارس زهدم

وبقول آخر:

ألم ييأس الأقوام أني أنا ابنه ... وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا

أفاد ذلك الرازي وقال إنه قول أكثر المفسرين. وقد خطر ببالي وجه آخر هو أن المراد: أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان المشركين، فتكون الآية استنكاراً على المؤمنين الطامعين في إيمان قريش بعد أن تقدم الله تعالى إليهم بأنه لو شاء لهدى الناس جميعاً فقوله: {أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} بمعنى: أنهم لا يؤمنون.