سورة الرعد
  حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ٣١} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا يزال يرسل للكافرين العبر والمحن لعلهم يرجعون إليه، ويُنْزِلُ بهم المصائب الواحدة تلو الأخرى، في ديارهم وحول ديارهم لعلهم ينتبهون من غفلتهم فيرجعون إليه، وأخبر الله سبحانه وتعالى أنها لا تنقطع القوارع حتى يأتي ما وعدهم الله من عذابه الذي يستأصلهم كما فعل بقوم عاد وقوم هود وغيرهم من المكذبين، ولا يفعل بهم ذلك إلا عندما يحل الأجل الذي قضت به الحكمة، وهذا وعد منه تعالى وهو لا يخلف الميعاد، ولا بد أن يقع ما أخبر بوقوعه(١).
  {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه ليس الأول من الرسل آذاه قومه وكفروا به، بل إن كل رسول بعثه الله إلى أمة فإن أمته تستقبله بالتكذيب والاستهزاء، وأن شأنك يا محمد كشأنهم، وقد حل بك ما قد حل بهم من التكذيب والاستهزاء والأذى.
  {فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} أخبره الله سبحانه وتعالى بأنه قد أمهل أولئك المكذبين من الأمم الخالية المكذبة بأنبيائها مثل ما أمهل هذه الأمة.
  يريد الله سبحانه وتعالى من نبيه ÷ ألا يستعجل نزول عذابه بالمشركين فإنه سيمهلهم في الدنيا كما قد أمهل من كان قبلهم، ثم يأخذهم بعد إمهالهم.
  {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ٣٢}(٢) فانظر يا محمد كيف كان عقابي لهم، فقد كان
(١) سؤال: هل ما نشاهده اليوم من فيضانات وحرائق وزلازل ونحو ذلك على كثير من البلدان هو من هذه القوارع؟ وهل وعد الله هو عذاب يوم القيامة؟
الجواب: ما يحدث في هذا الزمان من كوارث كالفيضانات والزلازل والحريق والحروب هو من القوارع التي توعد الله بها في هذه الآية فلا تزال مستمرة إلى أن يأتي وعد الله الذي هو يوم القيامة فيعذب الله المجرمين في جهنم خالدين فيها.
(٢) سؤال: من فضلكم ما فائدة الاستفهام هنا؟ وما إعراب: {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ٣٢}؟
الجواب: الاستفهام هو لتعظيم العقاب والتعجيب منه، و «كيف» خبر كان مقدم، و «عقاب» اسمها مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على الباء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة وذلك أن «عقاب» مضاف إلى ياء محذوفة للتخفيف.