سورة الرعد
  على نبيه ÷ كتاباً عربياً على لغتهم العربية، وذلك لأجل أن يفهموا خطابه، ويتحققوا معانيه.
  {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ٣٧} يهدد الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً ÷ بأنه إن اتبع دين هؤلاء المشركين الذي شرعوه على حسب أهوائهم ودواعي شهواتهم، وكانوا يجتمعون عند هذه الأصنام وهم عراة فيغنون ويرقصون عندها، وتغني لهم القيان.
  وتهديد الله سبحانه وتعالى هذا للنبي ÷ إنما أراد به من كان حوله من المؤمنين، وأما النبي ÷ فهو بعيد عن هذا كل البعد، وحاشاه أن يفكر في ذلك، وأخبره الله سبحانه وتعالى أنه إن فعل ذلك فلن يجد أحداً ينصره أو يدفع عنه عذاب الله سبحانه وتعالى.
  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ٣٨}(١) كان النبي ÷ حريصاً على إيمان قومه أشد الحرص، وقد كاد أن يهلك نفسه حزناً على عدم إيمانهم، وكان يتمنى أن يؤتيه الله سبحانه وتعالى آية عظيمة تجعلهم يؤمنون، وكانوا يعدونه بأنه إن جاءهم بآية فسيؤمنون، مما جعله يتمنى من الله سبحانه وتعالى ذلك، فأخبره الله سبحانه وتعالى أنه لا ينزل الآيات إلا إذا اقتضتها حكمته ولا ينزلها لأجل اقتراح الكافرين، وكان المشركون يستبعدون أن يكون محمد ÷ نبياً لأنه مثلهم ذو
(١) سؤال: ما المراد بقوله: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ٣٨}؟ وهل هو من الحقيقة أو من المجاز؟
الجواب: الأجل هو الأجل الذي ذكره الله في قوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ٣٤}[الأعراف]، وكل أمة مكذبة لها أجل معلوم محدود عند الله تعالى ينزل فيه عذابه بالمكذبين فإذا حان وقت الأجل أنزل الله تعالى العذاب، وفي قوله «كتاب» تجوز أي: أن كتاب مجاز مرسل من باب تسمية الشيء باسم محله، وتعالى ربنا عن أن يحل في شيء أو يحله شيء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}[الشورى].