سورة الرعد
  زوجة وأولاد، فذكر الله تعالى أن جميع الرسل كانوا ذوي أزواج وذراري.
  وأخبره أن قومه قد استحقوا نزول العذاب بهم، وقد قرب نزوله بهم.
  {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ٣٩} فأجل الموت، ووقت نزول العذاب وتحديدها بيد الله سبحانه وتعالى، وأمر تقديمها وتأخيرها إليه وحده على حسب ما تقتضيه حكمته وعلمه(١).
  {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ(٢) بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا
(١) سؤال: إذا قيل: بأن هذا قد يكون من البداء إذا أخر شيئاً مما سبق القضاء بتقديمه وكذا العكس خصوصاً مع التعبير بقوله: {يَمْحُوا} {وَيُثْبِتُ} فهل من ذلك مخرج؟ وهل يصح أن يحمل على النسخ في الأحكام الشرعية؟
الجواب: قد يكون المكلف عاصياً لله مرتكباً للكبائر الموبقة فيكون عند الله من أهل الوعيد بنار جهنم والخلود فيها، فإذا تاب إلى الله وآمن وعمل عملاً صالحاً محا الله سيئاته وبدلها حسنات وكتبه من أهل الثواب في جنات النعيم {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}[الفرقان: ٧٠]، وقد يكون للكافر أجل مسمى عند الله يموت إذا بلغه، فإذا تمرد الكافر على الله وكذب برسله أزهق روحه بعذاب ولم يبلغ أجله المسمى عند الله، وتماماً كما ذكر الله تعالى في سورة «نوح» حكاية لكلام نوح #: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ٣ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤}، فلم يستجيبوا لنوح وأصروا على تكذيبه وعلى الكفر والشرك فأخذهم الله تعالى بالطوفان فغرقوا جميعاً، ولم يؤخرهم الله تعالى إلى الأجل المسمى عنده بل اخترم آجالهم وقطع أعمارهم. فعلى هذا نقول: إن الله تعالى قد كتب وقضى لكل واحد من قوم نوح بأجل مسمى عنده كتب ذلك وهو عالم أنهم لن يبلغوها بسبب إصرارهم على الكفر والشرك والتكذيب. ويصح حمل المحو والإثبات على المنسوخ والناسخ في الأحكام الشرعية، وقد فسروه به.
(٢) سؤال: ما إعراب: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ}؟
الجواب: «إن» شرطية جازمة، و «ما» صلة للتوكيد، و «نرينك» فعل مضارع مبني على الفتح في محل جزم وفاعله مستتر وجوباً، والكاف ضمير المفعول به.