سورة الرعد
  الْحِسَابُ ٤٠} أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه قد بلّغ ما عليه، وأن أمر حسابهم ووقت نزول العذاب بهم في الدنيا والآخرة إلى الله سبحانه وتعالى، وسواء عليك نزل بهم في حال حياتك أو بعد مماتك، وسواء عليك رأيت تعذيبهم أم لم تره؛ وأمره ليس موكولا إليك فما عليك إلا البلاغ.
  {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ٤١}(١) يستنكر الله سبحانه وتعالى على المشركين لماذا لا يؤمنون؟ وهم يرون النبي ÷ ومن معه من المؤمنين يتوسعون في البلاد وأن دولة الإسلام تكبر أمام أعينهم بينما أرض الشرك في نقص، وذلك أن المسلمين
(١) سؤال: ما رأيكم فيما يذكر عن كثير من التابعين ومن بعدهم أن نقص الأرض من أطرافها هو موت علمائها وفقهائها؟
الجواب: قد روي ذلك كما ذكرتم، إلا أن الأنسب تفسيره بما ذكرنا، فسياق الكلام مع المشركين الذين طال إصرارهم على الكفر والشرك والتكذيب، فاستنكر الله تعالى عليهم إصرارهم على الكفر مع ما يرونه من قوة الإسلام وتمدده في البلاد مع نقص الشرك والمشركين، فقد دخل في الإسلام أهل المدينة وهم قبائل كثيرة لها قوة وشوكة، وتمدد الإسلام في نواحي المدينة وتوسع في بواديها وما وراء بواديها ولم يبق للشرك والمشركين هناك أثر، فكان من المفروض على مشركي مكة إذا رأوا ذلك أن تخف عداوتهم للإسلام والمسلمين وأن يسالموا أو يسلموا. هذا هو ما يميل إليه أهل العقول وتقضي به السياسة الحكيمة إذا قوي سلطان الخصم واشتدت شوكته وصار له كيان ودولة وعدد وعُدَّة. ويرجح هذا التفسير:
- أن الخطاب في هذه الآية موجه إلى المشركين.
- وفي آخر هذه الآية قوله: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ٤١} فيدل أن نقص الأرض من أطرافها حكم من الله لا مرد له، وأن ذلك جزاء من الله واقع على من يستحقه، وهذا لا يناسب تفسير نقص الأرض من أطرافها بموت العلماء.
- ظاهر الآية أن النقص واقع على الأرض وليس على الناس.