محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة إبراهيم

صفحة 343 - الجزء 2

  {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا} يخبر الله سبحانه وتعالى أن الكفار جميعاً سيبرزون في ساحة المحشر يوم القيامة للحساب الدقيق والْحُكْم العدل، ومعنى البروز: الظهور.

  {فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} هنالك يقول الأتباع لرؤسائهم وزعمائهم: قد كنا تابعين لكم في الدنيا نطيعكم فيما تأمرون به من الكفر والتكذيب بآيات الله ورسله، فاحملوا عنا بعض العذاب، وكان الرؤساء والزعماء في جميع الأمم هم الذين يتصدون لدعوة الأنبياء ويقفون في وجهها، وتكون الكلمة لهم، وبقية القوم يكونون تبعاً لهم ولما قالوه، فإذا جاء يوم القيامة فإنهم يتجادلون فيما بينهم التابع والمتبوع.

  {فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} يريد هؤلاء الأتباع أن يأخذ المتبوعون نصيباً من عذاب الله النازل بهم مقابل إغوائهم وإضلالهم لهم.

  {قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ⁣(⁣١) سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ٢١} يرد عليهم الرؤساء بأننا لو كنا مهتدين لكنتم مهتدين مثلنا، ولكنا كنا ضالين فتبعتمونا، ولا مهرب لنا ولا لكم من عذاب الله وشدته، ولا نقدر أن نحمل عنكم شيئاً مما حق عليكم من العذاب.

  {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ} وذلك يوم القيامة عندما يحكم الله سبحانه وتعالى على من استحق العذاب بالنار؛ فعندها يظهر إبليس على رؤوس الأشهاد خطيباً فيهم: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} يقول ذلك لأتباعه الذين ساروا في طريقه واتبعوه.


(١) سؤال: هل قالوا ذلك على التزام مذهب الجبر فكيف وقد حصحص الحق؟ أم لأجل غرضٍ آخر فما هو؟

الجواب: ليس المراد أنهم ملتزمون لمذهب الجبر في قولهم: {لَوْ هَدَانَا اللَّهُ} وإنما المقصود لو هدانا الله بالألطاف والتوفيق والتنوير وأمدنا بذلك كما يمد عباده المؤمنين ... إلخ.