محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة إبراهيم

صفحة 344 - الجزء 2

  {وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} ويخبرهم بأن مواعيده لهم ليست إلا أماني يمنيهم بها.

  {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}⁣(⁣١) يخاطبهم إبليس ويخبرهم أنه لم يدخلهم في الضلال بالقوة والإكراه، وأنهم قد دخلوا بمحض إرادتهم ولم يكن منه إلا الدعاء لهم والوسوسة فقط⁣(⁣٢).

  {فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} لأنكم الذين تسببتم على أنفسكم بالضلال واستحقاق العذاب.

  {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} فلست بمنقذكم من عذاب الله سبحانه وتعالى، وكذلك انتم لستم بمنقذي من عذابه.

  {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} ويقول لهم الشيطان: إنكم عبدتموني في الدنيا وأطعتموني وأنا كافر بعبادتكم لي لأني لست شريكاً لله في الربوبية.

  {إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٢٢} وهم الذين دخلوا في طاعة الشيطان وعبدوه، وفي ذلك وما يكون من الحوار بينهم وبين إبليس ما لا يخفى من الذلة والخزي، وزيادة الحسرة والندامة التي تلحقهم لما يرون من سخرية إبليس بهم وفضيحتهم على يديه.


(١) سؤال: كيف يجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ١٠٠}⁣[النحل]؟

الجواب: المراد بالسلطان في هذه الآية السلطان القاهر الذي يلجيهم إلى طاعته وتنفيذ أمره، ويضطرهم إلى ذلك اضطراراً والمراد بالسلطان في الآية الثانية سلطان الطاعة والاتباع والحب للشيطان فيطيعونه ويتبعونه ويدينون له بذلك باختيارهم لا بقوة سلطانه.

(٢) سؤال: يقال: كيف يميز الإنسان بين وسوسة إبليس وبين وساوس النفس؟ هل هناك دلائل وعلامات يميز بها الفرق بينهما؟

الجواب: وساوس الشيطان هي التي تزين للإنسان فعل المعصية، وتهيج النفس إلى ارتكابها، وما كان من الوساوس في غير ذلك فهو من حديث النفس ووساوسها.