سورة إبراهيم
  {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ٢٣}(١) أخبر الله سبحانه وتعالى عن المؤمنين أن جزاءهم سيكون النعيم الدائم في جنات النعيم، وأخبرهم أن التحية بينهم فيها ستكون سلام بعضهم على بعض، وتسليم الملائكة عليهم، وإقبالهم عليهم من كل باب يهنئونهم بما نالوا جزاءً على صبرهم في الدنيا على طاعة الله.
  {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ٢٤} يخبر الله سبحانه وتعالى عما تخلفه الكلمة الحسنة وراءها من الثمار، وما تتركه من الفوائد والمنافع بعدها، والأثر الكبير الذي يلحقها، حتى ولو كانت لعدو(٢)؛ فإنه إذا سمع منك كلمة طيبة فإنك تراه ينجذب إليك، ويظهر لك الود والاحترام والإخلاص، وأن حالها في ذلك كالشجرة الطيبة التي جذورها ثابتة في الأرض بينما ثمارها قد تدلت من أغصانها المتدلية من فوق يأكل منها جميع الناس.
(١) سؤال: ما إعراب: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ٢٣}؟ وهل لتنكير قوله: {سَلَامٌ} نكتة فما هي؟
الجواب: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ٢٣} جملة مستأنفة في جواب سؤال مقدر فلا محل لها من الإعراب، نشأ هذا السؤال من جملة: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ ...} فقد تقرر في الأذهان أن الضيف الداخل يتلقى بالتحية فوقع هنا السؤال عن تحية الداخلين الجنة.
وتنكير «سلام» ليفيد أن السلام نوع مبهم لا يحاط به لعظمته.
(٢) سؤال: إذا قال قائل: إن هذا يخالف مفهوم قوله تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التحريم: ٩]، وقد يكون مداهناً إذا رفق بهم ولم يغلظ عليهم فكيف الجواب؟
الجواب: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} خاصة في المنافقين، أما الخُلُق العام الذي أُمِر به النبي ÷ فهو ما جاء في قوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ٣٤ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ٣٥}[فصلت].