محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة إبراهيم

صفحة 349 - الجزء 2

  {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} فهو وحده الذي يستحق الإلهية والعبادة؛ لأنه الذي خلق السماوات والأرض، وأنزل لكم المطر، وأنبت به الزرع، وأخرج به الثمر، وجعل فيه أسباب رزقكم ومعايشكم.

  {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} فهو الذي هيأ البحر وسخره لحمل السفن التي تحملكم وتحمل أمتعتكم، وجعلها تجري على ظهره بقدرته وإرادته.

  {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ٣٢} هيأها لتستنفعوا منها، وتسقوا منها أشجاركم، وتستقوا منها أنتم وأنعامكم.

  {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} جعلهما يجريان على طول الزمان في خدمتكم، وعلى حسب مصالحكم.

  {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ٣٣} وهيأهما في خدمتكم ومصالحكم، فجعل النهار لتنظروا فيه أسباب معايشكم وأرزاقكم، والليل لتسكنوا فيه وتهدؤوا من تعب نهاركم.

  {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} يذكر الله سبحانه وتعالى عباده في هذه الآيات بنعمه عليهم، وإعطائهم كل ما طلبوه من منافع الدنيا على حسب مصالحهم.

  {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ⁣(⁣١) لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ٣٤} ومهما عد الإنسان من نعم الله سبحانه وتعالى فلن يستطيع أن يحصيها لكثرتها، ولو عد نعمه عليه التي في نفسه فلن يستطيع ذلك.


(١) سؤال: هل المراد باللام في قوله: {الْإِنْسَانَ} الجنس الإفرادي أم الجنس الاستغراقي؟ وكيف أخبر عنه بأنه ظلوم كفار مع أن بعض بني الإنسان لا يجحد نعم الله ويعترف بها؟

الجواب: الإخبار عن الإنسان بأنه ظلوم كفار يدل على أن المراد بالإنسان هو الكافر فتكون اللام للاستغراق لكل إنسان كافر، وقد كثر استعمال «الإنسان» في القرآن مراداً به الكافر مثل: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ٦}⁣[الانفطار]، {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ٦٦}⁣[مريم]، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ٦ أَنْ رَأَهُ اسْتَغْنَى ٧}⁣[العلق]، ويكون السياق هو المخصص.