محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة إبراهيم

صفحة 350 - الجزء 2

  فنعمة النفَس وإدخال الهواء إلى الرئتين، وانتظام دقات القلب على طريقة واحدة من دون اختلال أو فقد توازن، وتصفية الكليتين للسوائل التي يشربها، وأسنانه التي يقطع بها طعامه، وعينيه اللتين يبصر بهما ما أراد ويهتدي بهما لما أراد، وأذنيه اللتين يسمع بهما، ونعمة الطعم والذوق، ونعمة الشم، ونعمة اللمس ونعمة الكلام والتعبير عما بداخلك، وكم وكم غير هذه في جسمك التي لا تعد ولا تحصى، وكل نعمة من هذه النعم تترك وراءها ما لا يعد ولا يحصى من المنافع، ومع كل هذا فهو جاحد لهذه النعم، وكافر بها، غير معترف لله سبحانه وتعالى بمنة أو نعمة.

  والظلوم: هو الذي يضع الأشياء في غير مواضعها فيعبد من لا يستحق العبادة، ويطيع من لا يستحق الطاعة، ويشكر من لا يستحق الشكر.

  والكَفَّار: هو الجاحد بما أنعم الله سبحانه وتعالى عليه الذي لم يعترف بنعمه عليه.

  {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} يريد الله سبحانه وتعالى أن يذكِّرَ قريشاً بنعمه العظيمة عليهم، وهي أن جعلهم من ذرية إبراهيم، وأسكنهم حرمه، وجعله حرماً آمناً⁣(⁣١)، وأمَّنهم في أنفسهم يجيئون ويذهبون أينما أرادوا، بينما كانت بقية العرب في خوف وقتل وقتال، يتناحرون فيما بينهم، ويغزو بعضهم بعضاً، وهم يسيرون في جزيرة العرب آمنين على أنفسهم، وكانت العرب تسميهم بأهل الله، فهم آمنون في أنفسهم وبلادهم.

  {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ٣٥} وهذا من دعاء إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بأن يرزقه


(١) سؤال: هل نفهم أن الله تعالى حرم مكة لدعوة إبراهيم # هذه أم ماذا؟

الجواب: لم نقصد ذلك، فمكة بلد حرام من قبل دعوة إبراهيم #، ولعل إبراهيم # دعا الله أن يجعل البلد آمناً لأن الناس كانوا ينتهكون حرمته، ولحرصه # على أمن ولده وسلامته في ذلك البلد القفر الذي تجاوره أمم لا تدين بحرمة البلد الحرام، بل لا يوجد أثر للكعبة المشرفة ولا لزمزم، فبنى إبراهيم وإسماعيل @ الكعبة، ودعا إبراهيم # الناس إلى تعظيمها والحج إليها وعلمهم المناسك، و ... إلخ.