محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة إبراهيم

صفحة 351 - الجزء 2

  الله سبحانه وتعالى الذرية الصالحة لكي يعبدوه ويوحدوه، ويتركوا عبادة الأصنام، يريد # أن يثبتهم سبحانه وتعالى على دينه في حين أنه قد ضل كثير من الناس بسبب هذه الأصنام.

  {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٣٦} يذكر ~ وعلى آله أن من كان معه على ملته ودينه فهو منه، وأن من عصاه ورفض الاستجابة لدعوته وعكف على عبادة الأصنام ولوكان من ولده فالله سبحانه وتعالى أولى به⁣(⁣١).

  {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} أمر الله⁣(⁣٢) سبحانه وتعالى نبيه إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وهو في الشام بأن


(١) سؤال: يقال: ظاهر قوله: «فإنك غفور رحيم» أن الله أولى بأن يغفر له ويرحمه وهذا مشكل من وجهين:

١ - أنه جارٍ من إبراهيم # مجرى الدعاء والدعاء للعاصي بالمغفرة لا يجوز.

٢ - أنه رجاء منه # وتجويز لحصول المغفرة لصاحب الكبيرة بل الكافر، وقد يستدل المخالفون بهذا على أن صاحب الكبيرة تحت المشيئة إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، فكيف يجاب على ذلك؟

الجواب: يزول الإشكال بتقدير شرط التوبة أي: ومن عصاني ثم تاب فإنك غفور رحيم بدليل نحو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ١٣٥ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ١٣٦}⁣[آل عمران]، وقوله تعالى: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ٦٨ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ٦٩ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٧٠}⁣[الفرقان]، والآيات في هذا كثيرة فلزم تقييد آية إبراهيم بالتوبة لما ذكرنا، والقرآن يفسر بعضه بعضاً.

(٢) سؤال: يقال: من أين نستفيد هذا الأمر الإلهي؟

الجواب: يبعد كل البعد أن يخرج إبراهيم # بابنه إسماعيل وأم إسماعيل من الأرض المباركة إلى واد غير ذي زرع ثم يبني الكعبة ويؤذن في الناس بالحج، ثم يعلمهم حج البيت، ثم =