سورة إبراهيم
  يهاجر بزوجته وابنه إلى مكة، وكانت أرضاً قفراء، فلا ماء ولا زرع، ولم يكن فيها أحد من الناس غير بعض القبائل كانوا ساكنين على مسافة منها، وهي أرض لا يصلح فيها الزرع، فأسكنهما بأمر الله سبحانه وتعالى فيها وذلك لحكمة منه سبحانه ومصلحة كان علمها، فدعا إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الله سبحانه وتعالى بأنه قد أسكن بعض ذريته في تلك الأرض ليعمروها بذكره وعبادته وطاعته؛ لأنه سبحانه وتعالى قد أراد عمارة تلك البقعة بعبادته.
  {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} دعا الله سبحانه وتعالى بأن يجعل في الناس الرغبة في تلك البقعة والدواعي(١) التي تجعلهم يميلون إليهم ويقصدونهم، ويسافرون إليهم من كل مكان في الأرض.
  {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ٣٧} وكذلك دعا الله سبحانه وتعالى أن يسبغ عليهم من النعم ويوسع لهم في الأرزاق ليشكروه، ولازالت دعوته تلك إلى يومنا هذا فالفواكه وخيرات الأرض تقبل عليها من كل مكان لا تنقطع في جميع أوقات السنة.
  {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ٣٨} عندما أمر الله سبحانه وتعالى نبيه إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أن يسكن امرأته وابنه في تلك الأرض القفراء وحدهما، ثم يرجع إلى الشام بعد ذلك وكان الولد طفلاً لا حول له ولا قوة، فعند ذلك أصابه الحزن الشديد، والضيق والقلق
= يعود ويترك إسماعيل وأمه وقلبه يتقطع من الشفقة عليهما والحزن لفراقهما {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ}، فاقتضى ذلك أنه # فعل ما فعل بأمر من الله تعالى.
(١) سؤال: هل الدواعي إلى الذرية أم إلى المكان؟ وكيف شملت هذه الدعوة المتأخرين من ذريته #؟
الجواب: الدواعي هي إلى الذرية الساكنين في ذلك الوادي وشملت المتأخرين بدليل دعائه # في سورة أخرى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ ...}[البقرة: ١٢٩].