محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحجر

صفحة 365 - الجزء 2

  يخاطب الله سبحانه وتعالى العقل هنا؛ لأنه إذا تفكر في ذلك وتدبر عرف صدق ذلك، وإذا تفكر المشركون في الأصنام عرفوا أنها ليست إلا أحجاراً أخذوها من الجبال ونحتوها وصوروها، وسموها آلهة وعبدوها، وعرفوا أيضاً أنها لا تنفع ولا تضر، ولا تستطيع فعل شيء.

  ينبه الله سبحانه وتعالى المشركين ويذكرهم بذلك؛ لأنهم في بداية أمرهم نشأوا على ذلك وتربوا على عبادة الأصنام من صغرهم، وغرس آباؤهم فكرة إلهيتها في عقولهم، مما أدى ذلك إلى تعطل عقولهم، فعندها أرسل الله سبحانه وتعالى رسله وأنبياءه ليذكروهم ويوقظوا عقولهم، ويثيروها على التفكر والتدبر، فإذا تفكروا وتدبروا عرفوا صدق ما جاءتهم به رسلهم، وأنهم كانوا في ضلال وباطل.

  {مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ٢٦} أخبر الله سبحانه وتعالى بأنه خلق الإنسان، وأن أول ما خلق آدم من تراب أسود متغير وهذا معنى الحمأ، والمسنون: هو المحكوك حتى صار أملس، والمصنوع على شكل آدمي، والصلصال: هو التراب الذي قد عجن بالماء، ويكون له صوت طنين عند الضرب عليه إذا يبس، ثم بعد أن صوره على ذلك الشكل نفخ فيه الروح فإذا هو إنسان يتحرك ويمشي ويسمع ويبصر، وهذا هو بداية خلق البشر.

  {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ٢٧} وأخبر الله سبحانه وتعالى أنه خلق الجان قبل خلق الإنسان، وأنه خلقهم من اللهب الأصفر الذي يكون في النار.

  {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ٢٨} أوحى الله سبحانه وتعالى إلى ملائكته قبل خلق آدم بأنه سيخلق بشراً من التراب.

  {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ٢٩} وأمرهم بالسجود له حين ينفخ فيه الروح بعد إتمام خلقته.