محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحجر

صفحة 368 - الجزء 2

  {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}⁣(⁣١) وأخبره أنه لا تسلط له عليهم لثباتهم وقوة إيمانهم ولعناية الله بهم، وأما البقية⁣(⁣٢) فقد صاروا تحت سلطانه وسيطرته وهو ما استثناه بقوله:

  {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ٤٢ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ٤٣} لموعد الغاوين من الجن والإنس.

  {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ٤٤} لجهنم سبعة أبواب، وأصحاب جهنم سبعة أصناف لكل صنف منهم باب يدخل منه.

  {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ٤٥} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن حال المتقين أنهم يتنعمون في البساتين التي فيها ما لذ وطاب من أنواع الفواكه والثمار،


(١) سؤال: هل وسوسة الشيطان منفية تماماً عن المخلصين أم المراد أن لهم ألطافاً وتوفيقاً ترد وسوسته؟

الجواب: ليست وسوسة الشيطان منفية عن المخلصين فهم كغيرهم في التكليف والابتلاء بالشيطان ووساوسه وشهوات النفس وهواها، إلا أن المخلصين تغلبوا على الهوى والشهوات فوساوس الشيطان بقوة الإيمان وخوف الرحمن قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}⁣[فصلت: ٣٦]، {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ٢٠١}⁣[الأعراف].

(٢) سؤال: يقال: كيف يجمع بين هذا وبين قوله: {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي

الجواب: سلطانه على الفاجر من أنه يأمر فيطاع ويدعو فيجاب باختيارهم ورضاهم ورغبتهم، ليس للشيطان تأثير إلا الدعوة لهم إلى اتِّباعه، وليس له تسلط على جرِّهِم إليه وإدخالهم في طاعته، وإنما هم الذين انجروا باختيارهم ودخلوا برضاهم ورغبتهم إلا أن طريق الشيطان إلى إضلالهم وجرهم إلى طاعته سهلة ميسرة؛ لأنه لا ألطاف لهم ولا تنوير ولا توفيق ولا معونة من الله، فسلطانه عليهم هو تمكنه من إدخالهم في طاعته، وعدم سلطانه هو أنه لا قدرة له على اضطرارهم إلى الدخول في طاعته فلو لم يختاروا طاعته لما استطاع إدخالهم.