سورة الحجر
  نفسه، وزعموا أنهم قد حذروه أن يأتي إليه أحد فلا يلومن إلا نفسه.
  {قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ٧١} عرض عليهم أن يزوجهم(١) بناته ليكفوا عن ضيوفه.
  {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ٧٢} فلم يقبلوا منه عرضه هذا، وأصروا على الفاحشة وعلى جهلهم وضلالهم، ومعنى «يعمهون»: يترددون في غيهم وحيرتهم.
  {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ٧٣ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ٧٤} عندها نزل بهم عذاب الله وقت شروق الشمس بالصيحة وبأن رفع جبريل قراهم وضرب بها الأرض فجعل أعلاها أسفلها، وأمطر الله سبحانه وتعالى عليهم بالحجارة من السماء، والسجيل هو الطين المستحجر.
  {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ٧٥} يخاطب الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه لا زالت آثارهم باقية يراها كل من مر من حولها، وأن من تفكر فيها ونظر وتدبر في عاقبة أولئك القوم - انزجر وخاف وحذر من ارتكاب ما يسخط الله تعالى، وأن قريشاً لو نظرت وتدبرت لعرفت ذلك، ومعنى المتوسمين: المتفرسين المتأملين.
  وكانت قرى قوم لوط في الأردن بجوار البحر الميت.
  {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ٧٦} أخبر الله سبحانه وتعالى أن آثارهم لا زالت قائمة، وأنها في طريق أسفار قريش في تجاراتهم.
(١) سؤال: يقال: من أين نفهم أنه # لم يعرض عليهم إلا التزويج الشرعي؟
الجواب: يفهم ذلك من السياق، ومن قوله في آية أخرى: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}[هود: ٧٨]، أي: أطهر لكم مما طلبتم من الفاحشة.
سؤال: قد يقال: كيف ساغ له أن يزوجهم مع فسقهم وغوايتهم؟
الجواب: لا وجه للاستشكال فقد كان النبي ÷ مزوجاً لبعض المشركين ولم ينزل تحريم زواج المسلمات بالمشركين إلا بعد الهجرة بفترة.