سورة الحجر
  {وَكَانُوا يَنْحِتُونَ(١) مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ٨٢} وآثارهم لا زالت باقية إلى اليوم وهي في شمال المدينة المنورة وتسمى مدائن صالح، وكانوا في نعمة وأمن وأمان ولكنهم نغصوا نعيمهم ذلك بكفرهم وتكذيبهم.
  {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ٨٣} جزاءً على كفرهم وتمردهم عذبهم الله سبحانه وتعالى، واستأصلهم مع طلوع الصبح.
  {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ٨٤} فلم ينفعهم ما كانوا يجمعونه من متاع الدنيا من التجارات والعمران والقوة والعدة والعدد، ولم يدفع عنهم شيئاً من عذاب الله.
  {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى قريشاً أنه لم يخلق السماوات والأرض وما فيهما عبثاً وباطلاً، وإنما خلقهما لأمر عظيم وراءهما وهو يوم القيامة، {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ٢٩}[الأنعام]، فأجابهم الله سبحانه وتعالى بذلك وأنه لم يخلقهما إلا ليرتب عليهما دارا أخرى تكون بعد هذه الدار يجازى فيها المحسن والمسيء.
  {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ٨٥}(٢) أكد الله سبحانه وتعالى وقوعَ الساعةِ، وأنها أمر واقع لا بد منه، ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن لا يغلظ على المشركين، وأن يجيبهم بالكلام اللين ويحسن إليهم، وألا يعاتبهم أو
(١) سؤال: هل نحتهم البيوت هو أخذ الأحجار منها والبناء بها، أو نحتهم للكهوف والجروف في الجبال؟
الجواب: المراد أنهم نحتوها جروفاً وكهوفاً إلا أنهم جعلوها مربعة وذات أبواب على شكل غرف البيوت.
(٢) سؤال: يقال: كيف نجمع بين هذه الآية وبين قوله: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التحريم: ٩]؟
الجواب: الصفح كان في أول الإسلام فلما استقوى الإسلام وصار له كيان ودولة وعدد وعدة أمر الله نبيه ÷ بالغلظة بدل الصفح، أي: أن الأمر بالغلظة ناسخ للصفح والإعراض.