محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحجر

صفحة 376 - الجزء 2

  يماريهم أو يسيء إليهم أي إساءة، وأن يقابل إساءتهم بالإحسان لعله يكون فيهم من يكون من أصحاب الخير؛ فيقبل إلى النبي ÷ عندما يرى منه ذلك، ولأن الفحش في الكلام والغلظة فيه ستكون حاجزاً بينه وبينهم حتى ولو كان فيهم صاحب خير فلن يستطيع أن يقبل إليه مع ذلك.

  {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ٨٦} فهو عالم بخلقه وبطبائع عباده، وما هو الذي يتألف قلوبهم ويستميلها، وأن مقابلة الإساءة بالإحسان خير وأنفع من مقابلتها بالسيئة.

  {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ٨٧} يخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه قد أنعم عليه بنعمة هي خير له من كل ما مع المشركين من متاع الدنيا، وهي أن أعطاه سبعاً من المثاني وأعطاه القرآن، وقد فسرها بعضهم بفاتحة الكتاب، وسميت مثاني لأنها تثنى في كل ركعة، وبعضهم قال هي السبع السور الطوال من القرآن، وهي السبع الأُوَلُ منه⁣(⁣١)، وسميت مثاني لأنها تثنى فيها قصص الأنبياء والأمم، وتحكي أخبارهم، وتكرر ذكرها وتردده مرة بعد أخرى.

  {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ٨٨} نهى الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن ينظر إلى ما أعطاه الله بعض المشركين من المال والوجاهة والغنى والترف في الدنيا، وأمره ألا ينظر إليها نظر إعجاب، وأخبره أن ما أنعم به عليه من السبع المثاني والقرآن العظيم أعظم وأكبر من نعمته على المشركين، وألا يخالجه الشك في ذلك فيحتقر نعمة الله سبحانه وتعالى عليه، وأنه ينبغي له أن يفرح بنعمته هذه لأنها أكبر وأعظم مما معهم جميعاً، والمراد بقوله: {أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} أي ما أنعم به على كثير من أفرادهم.


(١) سؤال: هل المراد إلى سورة الأعراف أم إلى الأنفال؟

الجواب: المراد إلى الأنفال مع التوبة أي: أن سورة الأنفال والتوبة هي السابعة، فقد كانوا يعدونها كذلك.