سورة الحجر
  وكذلك نهاه عن الحزن على عدم إيمانهم، وكان يسوؤه عدم استجابتهم له شفقةً منه عليهم، ورحمة بهم أن يصيبهم العذاب، وأمره أن يتواضع للمؤمنين.
  {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ ٨٩} أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يخبر المشركين بأن الله أرسله إليهم لينذرهم ويحذرهم من عذابه وسخطه.
  {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ٩٠ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ٩١} أراد الله سبحانه وتعالى أنه أنزل القرآن على نبيه ÷ كما أنزل التوراة والإنجيل على اليهود والنصارى وهو المراد بالمقتسمين، ثم وصفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم جعلوا القرآن عضين أي: مُفَرَّقاً وأجزاءً، فقد آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، فما وافق أهوائهم آمنوا به وما كان على خلاف رغباتهم وشهواتهم كفروا به.
  {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٩٢ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٩٣} أقسم الله سبحانه وتعالى أنه سيسألهم عن جميع أعمالهم تلك، وسيجازيهم عليها.
  {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ٩٤} ثم أمره الله سبحانه وتعالى بأن يجهر بدعوته، ويبثها في كل مكان، ويبلغها جميع الناس، ولا يبالي بتكذيب المشركين أو يفتر لردهم لدعوته وتكذيبهم برسالته.
  يحثه الله سبحانه وتعالى على الاستمرار والمضي في مواصلة دعوته؛ لأنه ÷ كان يستاء كثيراً من تكذيبهم ويضيق صدره من إعراضهم عن دعوته وتنهار قواه من ذلك.
  {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ٩٥} أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه قد كفاه أمر أولئك الذين يقفون في وجه دعوته وفي طريقها، وأنه سوف يهلكهم.
  ثم إن الله سبحانه وتعالى قد نَفَّذَ ما كان وعد به نبيه ÷ وأهلكهم يوم بدر، وكان وعده هذا وهو لا يزال في مكة في بداية دعوته، وقد عبر عنه بالماضي مع أنه لم يكن قد وقع دلالة على تحقق وقوعه، وأنه واقع لا محالة.