محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإسراء

صفحة 448 - الجزء 2

  {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ⁣(⁣١) وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤} ولتكن في غاية التذلل والخضوع، وقد عبر بخفض الجناح مبالغة في ذلك وفي الحرص على إحاطتها لهما بالعناية والرحمة والشفقة، مثل ما تفعل الدجاجة مع صغارها، وكذلك أن تدعو الله سبحانه وتعالى لهما بالرحمة والمغفرة وأن يجزيهما عنك خير الجزاء، وأن يكافئهما على إحسانهما إليك، وعنايتهما في تربيتك.

  {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ٢٥} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه عالم بما في نفس كل إنسان، وأن من عادته الإحسان إلى والديه والبر بهما ونيته صالحة في حقهما إذا صدر منه بعض الزلات والأخطاء تجاههما أو صدر منه بعض الكلام الغليظ والقاسي نحوهما؛ فإن الله سيغفر له ما دام كذلك، وسيتجاوز عنه ما دام قد رجع إليه⁣(⁣٢).

  {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} ثم أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان والتعطف على ذوي القربى، وأمر بأن يحرص كل امرئ على صلتهم والبر بهم، وإعطائهم حقوقهم، وكذلك أمر بحقوق المساكين وأبناء السبيل، والحرص عليها، وعدم التقصير نحوهم وليس هناك حد محدود للإحسان ولكن بالمعروف وعلى حسب الظروف المادية وأقل درجات الإحسان كف الأذى وكلمة طيبة.


(١) سؤال: فضلاً ما معنى «مِنْ»؟ وبماذا تعلقت؟ وما إعراب: {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤

الجواب: معنى «من» التعليل أي: من أجل الرحمة وهي متعلق بـ «اخفض»، و «كما» الكاف حرف جر، وما مصدرية مسبوكة مع ما بعدها بمصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور صفة لمصدر محذوف أي: ارحمهما رحمة مثل تربيتهما لي صغيراً، ويجوز أن تكون الكاف للتعليل أي: لتربيتهما لي صغيراً، وقد أجاز هذا بعض النحاة كما أشرنا إليه فيما مضى.

(٢) سؤال: يعني: أن ذلك بشرط التوبة من ذلك والرجوع إلى الله؟

الجواب: لا بد من التوبة والرجوع إلى الله تعالى {إِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ٢٥} والأوابون هم التوابون.