محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإسراء

صفحة 449 - الجزء 2

  {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ٢٦} ونهى الله تعالى أيضاً عن التبذير، وهو: أن تضع أموالك في غير مواضعها كالحرام والرشوة والفساد⁣(⁣١)، وأنه ينبغي أن تضعها في مواضعها كصلة الأرحام والإحسان إلى الوالدين والمساكين، وأبناء السبيل، وغير ذلك من القرب التي تقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

  {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ٢٧} وإن هؤلاء الذين يضعون أموالهم في غير مواضعها من الحرام ومعصية الله سبحانه وتعالى– خارجون عن زمرة المؤمنين إلى زمرة الشياطين.

  {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا⁣(⁣٢) فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ٢٨} يُعَلِّم الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ ويرشده كيف يتعامل مع ذوي


(١) سؤال: يقال: ما هو المرجح لحمل التبذير على الإنفاق في الحرام دون الإنفاق الزائد عن الحاجة في الحلال؟

الجواب: لم ندخل الإنفاق الزائد على قدر الحاجة لأن الزيادة التي يزيدها المنفق أو الموكل بالإنفاق إنما تزاد لاحتمال الحاجة إليها هذا هو المعتاد، وطبائع العقلاء مطبوعة على الميل والحرص على حفظ المال، فلا يقع من عاقل الإتلاف للمال والإفساد له من غير داع له إلى ذلك سوى التضييع لأن حب المال طبع مطبوع في بني آدم، {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ١٩ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ٢٠ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ٢١}⁣[المعارج]. وقد يقع تضييع المال لغرض الفخر والمراءاة بالكرم وذلك في الولائم وما أشبهها فيأثم المضيع لماله في ذلك، لا لكونه تبذيراً بل للغرض الذي أنفق المال من أجله.

(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب: {ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا}؟ وما معناها طبق هذا الإعراب؟

الجواب: {ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ} ابتغاء: مفعول من أجله أي: وإن أعرضت عمن ذكر فلم تعطهم من أجل أنك ترجو أن الله تعالى سيعطيك من فضله وتتوقع ذلك من ربك لتعطيهم وتحسن إليهم فقل لهم قولاً ميسوراً، أي: أن رسول الله ÷ كان إذا سألوه ولم يجد ما يعطيهم أعرض عنهم وتوجه رجاؤه إلى الله في أن يتفضل عليه ليعطيهم.