سورة الإسراء
  فعلت يا محمد وملت إليهم لضاعفنا لك العذاب في الدنيا وفي الآخرة، وهذا أيضاً تهديد للمؤمنين لأجل أن يتمسكوا بدينهم، ولا يتنازلوا عن شيء من أمور دينهم أبداً، وأما النبي ÷ فهو محاط بعصمة الله تعالى وتوفيقه ولن يكون منه ذلك أبداً، والخطاب موجه للنبي ÷، والمراد به غيره(١) من باب: «إياك أعني واسمعي يا جارة».
= عذاب القبر فما رأيكم في ذلك؟
الجواب: «ضعف الممات» هو كما روي عذاب القبر وعذاب النار، وعذاب القبر هو بداية عذاب الآخرة الأبدي.
(١) سؤال: يقال: قد يظهر من قوله: {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ} أن النبي ÷ مرادٌ بهذا الخطاب المتناول لشيءٍ قد جرى في الواقع، فكيف؟
الجواب: حاول المشركون أن يخدعوا النبي ÷ فعرضوا عليه عروضاً منها: أن يُمَلِّكوه عليهم ويزوجوه أجمل فتاة في قريش، ومنها أن يطرد الضعفاء والمساكين عن مجلسه إذا أحب أن يجلسوا عنده ويستمعوا لحديثه، ومنها التصالح بينه وبينهم بأن يترك كل طرف الطعن في دين الطرف الآخر، فلعل النبي ÷ فكر في العرضين الأخيرين ولم يردهما مباشرة مع علمه ببطلان ما عرضوه، فأنزل الله تعالى ما أنزل من القرآن في ذلك لتنبيه النبي ÷ وليقتنع المسلمون من الصحابة الذين اشتد عليهم الأذى والمضايقة من المشركين بأنه لا يوجد حل وسط في الدين، ولا يمكن التنازل عن شيء من الدين ولا التغاضي عن تشريع من تشريعاته لإرضاء المشركين، وأنه لا يكون ولا يصح قبول أي ضلالة من ضلالات المشركين كبرت أو صغرت. ولا يخفى أن مخاطبة الرسول ÷ بذلك الخطاب المزلزل والتهديد الغاضب أوقع في نفوس المسلمين وأقوى وأبلغ مما لو كان موجهاً إليهم.
ولو كان المراد بالخطاب هو النبي ÷ وحده لكفاه التنبيه والإشارة من الله تعالى لشدة تعظيمه لله وخوفه منه، وما كان الله تعالى ليواجهه بمثل هذا التهديد الغاضب لعظيم رحمة الله بنبيه ÷ ورأفته به، ألا ترى كيف خاطبه الله تعالى في سورة التوبة حين أذن ÷ للمتخلفين عندما استأذنوه فبدأ تعالى في مخاطبة نبيه ÷ بالعفو عنه فقال تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ...}[التوبة: ٤٣]، رحمة بنبيه وتخفيفاً عليه من صدمة الخطاب.