سورة الإسراء
  النبي ÷ من مكة ودخوله إلى المدينة أمره الله سبحانه وتعالى بأن يخبر المشركين بأنه قد آن ظهور الحق وانتصاره، وهزيمتكم أيها المشركون، وأن يخبرهم بأن الباطل مهما كانت صولته فلا بد أن يسقط وتنتكس رايته، وأن يظهر الحق عليه مهما طال الزمان، ومعنى «زهق الباطل»: زال وانتهى واضمحلَّ.
  {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ(١) مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ٨٢} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه ينزل القرآن وفيه شفاء للمؤمنين من الشكوك والوساوس التي في القلوب، وآياته التي تشفيهم من الشبه والجهل، ويبعث على الطمأنينة في القلب لما فيه من الهدى والنور الذي يبصرهم طريق الحق، ويسمى هذا الشفاء الروحي، وفي العمل بأحكامه وشرائعه رحمة للمؤمنين لما فيه من التزكية للنفوس والارتقاء بها إلى رضوان الله سبحانه وتعالى، وكذلك أخبر أن الظالمين بخلاف ذلك فلا يزيدهم القرآن إلا خسارة لآخرتهم؛ لأنه كلما نزلت سورة أو آية كفروا بها، وبذلك يزداد كفرهم فيزداد سخط الله عليهم.
(١) سؤال: هل قوله: {مِنَ الْقُرْآنِ} يفيد أن الشفاء في بعضه لا غير؟ وهل يكون شفاءً للأمراض المحسوسة؟
الجواب: «من» في قوله: {مِنَ الْقُرْآنِ} للبيان وليست للتبعيض، بين بها الإبهام الذي في قوله: {مَا هُوَ شِفَاءٌ}.
والقرآن شفاء أيضاً للأمراض الجسدية المحسوسة بإذن الله تعالى، وقد عرفنا الكثير ممن شفي من مرضه الجسدي بقراءة القرآن عليه، وفي أحكام الإمام الهادي # وهو يذكر فاتحة الكتاب ما لفظه: «ومن ذلك ما يروى أنها لم تقرأ على مريض قط إلا شفي، ولم يقرأها مكروب إلا كفي ونجي، ولا توسل بها أحد إلى الله سبحانه إلا أعطي». اهـ
وقد روي: «فاتحة الكتاب شفاء من كل سم»، وروي حديث الرجل الذي رقى سليماً بفاتحة الكتاب فشفي فقال له النبي ÷: «وما يدريك أنها رقية؟».