محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإسراء

صفحة 474 - الجزء 2

  {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن طبيعة الكافر بأنه إذا أنعم عليه ربه بنعمة أعرض عن شكره وتكبر عليه وعن اتباع الحق وعن السماع لآياته، وشمخ بأنفه استكباراً على الله تعالى وعلى رسوله.

  {وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا ٨٣} وإذا نزلت به مصيبة أو شدة بعد رخاء وخير فإنه ينقطع أمله، ويزداد يأسه وقنوطه، بخلاف المؤمن فإنه إذا نزلت به مصيبة أو شدة فإنه لا ينقطع أمله في الله سبحانه وتعالى لما يرجوه من ثوابه وتعويضه، وهو عالم بأنه إن لم يعوضه في الدنيا فإنه سيعوضه في الآخرة.

  {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا ٨٤} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد بين طريق الحق وطريق الشر، ووضح لكم كلاً منهما، وأنكم مخيرون في اختيار أي الطريقين أردتم، وأنه عالم بعمل كل واحد من الصنفين ومطلع على كل صغيرة وكبيرة، وسيجازي كلاً على عمله، ومعنى الشاكلة: الطريقة والمذهب.

  {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} وهؤلاء هم المشركون سألوا النبي ÷ عن حقيقة الروح، وذلك أن المشركين كانوا قد ذهبوا إلى اليهود يخبرونهم بأنه قد ظهر فيهم رجل يدعي أنه نبي من عند الله، وأن الله تعالى قد أرسله ليبلغهم رسالته، فأمرت اليهود المشركين بأن يسألوا هذا النبي عن الروح وعن أصحاب الكهف، وأخبرتهم أنه إن أفتاكم في الروح وأخبركم عن حقيقتها فليس نبياً كما يدعي، وإن أخبركم أن علمها عند الله سبحانه وتعالى، وقص عليكم خبر أهل الكهف فهو نبي صادق، وكل ذلك كان قبل أن تعلم اليهود بأمر محمد ÷ وأنه النبي الذي ينتظرون ظهوره في مكة، وإلا فإنهم لم يكونوا ليجيبوا المشركين بهذا الجواب لئلا يفتضح أمرهم.

  {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ٨٥} فعندما سأل المشركون النبي ÷ أمره الله سبحانه وتعالى بأن يجيبهم بأن الروح علمها عند