محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإسراء

صفحة 475 - الجزء 2

  الله سبحانه وتعالى وحده، وأنها مما اختص واستأثر بعلمه، ولا قدرة لعقول البشر أن تعي مفهومها وتستوعب حقيقتها، وذلك أن قدرة العقل محدودة ومعرفة حقيقتها فوق طاقته وقدرته، وقد حاول العلم الحديث بما معهم من القوة والآلات المتطورة أن يكتشف حقيقتها وماهيتها فلم ينجح.

  {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا ٨٦} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه لو شاء لأخذ القرآن من صدره، ولرفعه من قلبه؛ فلا يستطيع أحد أن يشفع له ليرده إليه.

  يطلع الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ على مدى قدرته وقوته وإحاطته بكل شيء وأن كل شيء تحت قبضته وسيطرته.

  {إِلَّا رَحْمَةً⁣(⁣١) مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا ٨٧} أراد الله سبحانه وتعالى أنه إنما أوحى إلى نبيه ÷ بالقرآن وجعله في صدره - رحمة منه له وتفضلاً منه تعالى عليه، وأن اختياره لتبليغ رسالته رحمة منه له ولغيره.

  {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ٨٨} أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يخبر المشركين بأنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بمثل هذا القرآن، وأن الإنس والجن لو اجتمعوا وتعاونوا على الإتيان بمثله فلن يستطيعوا ذلك، وأن يخبرهم بأن القرآن هو حجته الدالة على نبوته؛ فإن استطاعوا أن يأتوا بمثله فهم محقون في عدم صدق نبوته؛ لأن المشركين كانوا ينكرون نبوته، ويرمونه بالكذب والافتراء وغير ذلك، ثم إنه تحداهم بأن يأتوا بسورة منه أو بعض سورة، وأنهم إن استطاعوا فسيتنازل


(١) سؤال: هل الاستثناء في الآية منقطع أم متصل؟

الجواب: الاستثناء منقطع بمعنى «لكن»، ويجوز أن يكون متصلاً، و {وَكِيلًا ٨٦} هو المستثنى منه أي: لا تجد من يتوكل علينا باسترداده إلا رحمة من ربك.