محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإسراء

صفحة 478 - الجزء 2

  الحقيقة عالمون بصدق نبوته ورسالته.

  {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ٩٥} وأخبرهم يا محمد بأن سكان الأرض لو كانوا ملائكة لأرسل الله سبحانه وتعالى لهم رسولاً من الملائكة، وأنه لا يصح أن يرسل للبشر رسولاً من الملائكة؛ لأنهم لا يستطيعون أن يتخاطبوا معه، فلا بد أن يكون من جنسهم ليتمكنوا من التفاهم والتخاطب.

  {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ٩٦} وأخبرهم يا محمد بأنها تكفي شهادة الله سبحانه وتعالى بأنك قد بلغتهم، وأنهم قد كذبوا بدعوتك؛ لأنه العالم بأعمال جميع عباده المطلع عليها صغيرها وكبيرها، لا يخفى عليه منها شيء.

  {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ} أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه لن يستطيع⁣(⁣١) أن يدخل أحداً في الهدى أو يحكم بهداه، وأن ذلك إلى الله سبحانه وتعالى فمن حكم بأنه مهتد فهو المهتدي، ومن حكم بضلاله فلا يصح أن يحكم بهداه، ولن يستطيع أحد أن يحكم بهداهم أو يدخلهم في الهدى؛ فاقطع طمعك من إيمانهم يا محمد واترك ملاحقتهم ليؤمنوا.

  {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ٩٧} وأخبر الله سبحانه وتعالى عن أهل الضلال بأنه سيحشرهم، ثم يسحبهم على وجوههم إلى جهنم وأيديهم مربوطة؛ فلا يتقون العذاب إلا بوجوههم لا يخفف عنهم سعير جهنم، وهم فيها عمي وصم وبكم.


(١) سؤال: ما المراد بعدم استطاعته ÷ لأن يدخل أحداً في الهدى؟

الجواب: المراد هنا هو مثل المراد في قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}⁣[القصص: ٥٦]، فرسول الله ÷ لا يقدر على إدخال أحد في الهدى.