محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الكهف

صفحة 490 - الجزء 2

  سبحانه وتعالى أيقظهم من نومتهم تلك بعد ثلاثمائة سنة وتسع سنين، وذلك لأجل أن يعلموا كم لبثوا ليطلعوا على كرامة الله سبحانه وتعالى لهم بأنه استجاب لهم، ونجاهم من بطش ملكهم وحفظهم، ويعلموا أنه قد رضي عنهم فتطمئن أنفسهم.

  وكانوا قد انقسموا قسمين فقال بعض منهم: قد لبثنا يوماً أو بعض يوم، وقال الباقي: الله سبحانه وتعالى وحده الذي يعلم كم قد لبثنا، ثم إنهم بعد ذلك عرفوا وتحققوا كم لبثوا من السنين، وكل ذلك ليطلعهم الله سبحانه وتعالى على أنه قد أكرمهم واستجاب دعاءهم ونجاهم، ورضي عنهم، وقد أطلع الناس جميعا على ما أكرمهم به؛ ليرفع من قدرهم ومنزلتهم.

  {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أنه سوف يقص عليه خبرهم الصحيح، وما كان من شأنهم.

  {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ١٣} كان أصحاب الكهف مجموعة من الشبان المؤمنين، وبسبب إيمانهم زادهم الله هدى ونوراً في قلوبهم.

  {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ١٤} وقوى الله قلوبهم وشد من عزائمهم عندما قاموا في وجه ملكهم، وأعلنوا⁣(⁣١) أمام الملأ إيمانهم بالله سبحانه وتعالى، واستخفوا


= مجرور باللام، والجار والمجرور متعلق بـ «بعثناهم». «أي» اسم استفهام مبتدأ مرفوع، والفعل «نعلم» من أفعال القلوب وهو معلق عن العمل بسبب «أي» الاستفهامية، وأي: مضاف، والحزبين: مضاف إليه. «أحصى» فعل ماضٍ بمعنى أصاب وضبط وفاعله ضمير مستتر عائد على «أي»، و «أمداً» مفعول به لأحصى، والجار والمجرور قبله حال منه أي: من «أمداً»، هذا أقرب الأعاريب التي قيلت في هذه الآية.

(١) سؤال: يقال: كيف نجمع بين إعلانهم وجهرهم بإيمانهم هذا وبين مبالغتهم في الإخفاء بعد استيقاظهم المحكي في قوله تعالى: {وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ١٩ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا ...} إلخ؟ =