محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الكهف

صفحة 537 - الجزء 2

  {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ١٠٩} يطلعنا الله سبحانه وتعالى على مدى علمه وإحاطته، وأن البحار لو كانت مداداً وحبراً فيكتب الكتبة بهذا المداد حتى يستنفدوا ذلك المداد فإنهم لن يستطيعوا أن يحصوا المعلومات⁣(⁣١) التي يعلمها الله سبحانه وتعالى، وأنهم لو زادوا على تلك البحار مثلها مداداً لما أحصوا ذلك، ولنفدت البحار قبل أن تنفد كلمات الله ومعلوماته، وكذلك لو أن كل ما في الأرض من شجر أقلام لنفدت تلك الأقلام قبل أن يحصوا ذلك، يخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك لنعلم أنه من المستحيل أن يدخل علمه تحت العد والحصر.

  {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ١١٠}⁣(⁣٢) عندما ادعى


(١) سؤال: من فضلكم هل هناك قرينة أو نحوها تدل على أن «كلمات الله» بمعنى معلوماته؟

الجواب: القرينة هي عقلية استدلالية، بيان ذلك: أن التمدح بكثرة الكلام غير سديد، بل إن صفة كثرة الكلام هي أقرب إلى الذم منها إلى المدح؛ لذلك حكمنا بأن استعمال «كلمات» هنا مجاز عن العلم بمعانيها.

(٢) سؤال: هل تصلح هذه الآية دليلاً على النهي عن الرياء وأنه من الشرك أو لا؟

الجواب: يصح الاستدلال بالآية على ما ذكرتم إلا أنه ينبغي أن يعلم أن الشرك نوعان شرك عبادة الأصنام وغيرها مما يعبد مع الله وشرك ليس فيه عبادة ولا تعظيم وهو الرياء فالمرائي لا يشرك مع الله غيره في العبادة والتعظيم وإنما يرائي الناس ولا يعبدهم فيكون الرياء لهذا دون النوع الأول.

سؤال: ما مناسبة كون هذه الآية خاتمة للسورة؟

الجواب: أمر النبي ÷ أن يقول للمشركين المكذبين بما تلاه عليهم في هذه السورة: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ...} الآية، فكأنه قال: حقيقة أمري ومهمتي هي كذا وكذا فأنتم وشأنكم فتكون الآية مؤذنة بنهاية السورة وتمامها.