محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة مريم

صفحة 542 - الجزء 2

  ويجدد الدعوة والتبليغ لبني إسرائيل بما أنزل الله سبحانه وتعالى فيها من الأحكام، وذلك لأن بني إسرائيل كانوا قد حرفوها وغيروها وبدلوها، فأوحى الله إليه بأن ينفذ أحكامها، وأن يعمل بما فيها، ويعلمها الناس بحزم وعزيمة.

  {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا ١٣ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ١٤} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه وهب لزكريا ولداً اسمه يحيى رحمة منه لزكريا⁣(⁣١)، وأخبر أيضاً بأنه قد طهره من الذنوب والآثام، وأنه يحمل نفساً زكية وطاهرة من دنس الذنوب والآثام، ولا تحمل شيئاً من الخبائث، وأنه من أهل البر والطاعة للوالدين.

  {وَسَلَامٌ⁣(⁣٢) عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ١٥} وأخبره أنه قد أحاطه بعنايته وحفظه من الشياطين ومن الخبائث، من ولادته إلى حين وفاته، وأنه سيبعث كذلك يوم القيامة.


= النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ...}⁣[المائدة: ٤٤]، وقد بعثه الله ليجدد التبليغ والدعوة لبني إسرائيل لما أن حرفوا كتابهم.

(١) سؤال: فعلى هذا علام عطف قوله: {وَحَنَانًا}؟ وهل ترون أنه لا بأس بأن يكون التحنن لزكريا والتزكية ليحيى ولا محذور في اختلافهما؟

الجواب: «حناناً» معطوفة على «الحكم» وكل ذلك ليحيى، إلا أن كل ذلك لرحمة الله بزكريا؛ لذلك بدأت السورة بـ {كهيعص ١ ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ٢} ثم قص الله تعالى تفاصيل رحمته بعبده زكريا إلى ختمها بقوله: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ١٥}.

(٢) سؤال: فضلاً علام عطفت هذه الجملة: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ}؟ وما معنى السلام هنا؟

الجواب: الجملة مستأنفة والواو استئنافية، ومعنى السلام هنا: السلامة من الشيطان، ومن الوقوع في المعاصي، ومن التفريط في طاعةٍ، وحصول ذلك يكون برعاية الله وحفظه، وإحاطته بالتوفيق والتسديد والمعونة.