محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة مريم

صفحة 564 - الجزء 2

  {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ٧٧} قيل إن قائل ذلك هو الوليد بن المغيرة، فقد كان له من الأولاد سبعة عشر ولداً، وكان من كبار التجار في قريش، وكان يحلف أن الله تعالى سيزيده من الأموال والأولاد ويقطع بذلك ويحدث به بين الناس، فأوحى الله تعالى إلى نبيه ÷ ليعجبه من مقالة ذلك الفاجر المعجب بنفسه وبما هو فيه من زينة الحياة الدنيا حتى زينت له نفسه ودعاه غروره إلى اعتقاده عظمة نفسه، واستحقاقه أن يعطيه الله ما يريد من المال والبنين حتى أقسم إنه ليؤتين مالاً وأولاداً فوق ما عنده.

  {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ٧٨} فهل اطلع على علم الغيب حتى عرف أن الله تعالى سوف يعطيه ذلك، أم أن الله عهد إليه بكتاب كتبه إليه فيما يدعي ويزعم؟

  {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا ٧٩} هذا ردٌّ من الله سبحانه وتعالى لمقالته تلك، وإخبار بأنها مقالة كاذبة، وأنه لن يعطيه ما يدعيه من زيادة الأموال والأولاد، وأخبره الله تعالى بأنه سوف يجازيه على مقالته هذه، وأنه سوف ينال من العذاب زيادة على غيره لخبثه ومكره، وذلك أنه كان يسمى حكيم قريش لما يتمتع به من الذكاء والخبث والدهاء، وكانوا يرجعون إليه في الرأي والتدبير والمشورة ضد النبي ÷.

  {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ٨٠} وكذلك سنرث ماله وأولاده بعد موته، وسيأتينا يوم القيامة لا يملك شيئاً.

  {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ٨١} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن قريش بأنهم اتخذوا لهم آلهة يعبدونها من دون الله لتكون لهم عزاً ولينتصروا بها ولتدفع عنهم الشر والمكروه.