سورة مريم
  {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ(١) عَلَيْهِمْ ضِدًّا ٨٢} رد الله تعالى عليهم زعمهم ذلك، وأن الأمر ليس كما يزعمون ويظنون فلن تستطيع آلهتهم هذه أن تعزهم أو تدفع عنهم، وأخبرهم أنهم لن ينالوا من عبادتهم لها إلا الذل والخزي والهوان.
  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن حال معبوداتهم تلك يوم القيامة وما سيكون منهم لمن يدعي ألوهيتهم، فأخبر أنهم سيكفرون بعبادتهم وسينكرون عليهم عبادتهم لهم، وأنهم لم يأمروهم بذلك وإنما كانوا يتبعون الشياطين وما زينوه لهم.
  وذلك لأن الأصنام التي ينحتونها إنما يصورونها على هيئة وصورة من يدعون ربوبيته إما من الملائكة أو من المخلوقين كالمسيح وعزير، فأخبر الله تعالى أنه إذا أتى يوم القيامة فإن الملائكة ستأتي منكرة على أولئك الذين كانوا يعبدونهم، وتشهد عليهم بأنهم كانوا كافرين متبعين لأهوائهم وشهواتهم.
  {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ٨٣} ثم أخبر الله تعالى نبيه ÷ بأنه خَلَّى بين الشياطين وأتباعهم في الدنيا؛ ليتم التكليف وليختبر المكلفين أيهم يتبع الشيطان، وأيهم يتبع الرحمن فمن أطاع الرحمن أمده الله تعالى بالألطاف والتنوير وزيادة الهدى والتوفيق، ومن أطاع الشيطان تركه الله من ألطافه ونور هدايته وتوفيقه، وذهبت به الشياطين إلى طرق الغواية وسلكت به سبل الضلال، وتقحمت به في العظائم والجرائم.
  ومعنى «تؤزهم»: قال في الكشاف: الأز والهز والاستقرار أخوان، ومعناها: التهييج وشدة الإزعاج.
(١) سؤال: ما السر في تذكير ضمير الآلهة في {بِعِبَادَتِهِمْ} و {يَكُونُونَ}؟
الجواب: آلهة: جمع إله، وإله مذكر فعاد الضمير مذكراً؛ لأن المعنى مذكر.