محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة مريم

صفحة 567 - الجزء 2

  اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ٨٧} وأما المجرمون فسيحشرون إلى الله سبحانه وتعالى وهم في غاية الذلة والمهانة كما تساق الحيوانات إلى وردها ليس لهم من يشفع لهم أو يحاول إنقاذهم عند الله سبحانه وتعالى، ولم يبق لهم إلا جهنم ولا محيص لهم عنها، ثم استثنى الله سبحانه وتعالى أولئك الذين يعملون الأعمال⁣(⁣١) الصالحة بأن شفاعته سوف تكون لهم خاصة.

  {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ٨٨ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ٨٩ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ٩٠} كان مشركو قريش يقولون إن الملائكة بنات الله، وكذلك النصارى كانوا يقولون: عيسى ابن الله، واليهود كانوا يقولون: عزير ابن الله، فرد الله سبحانه وتعالى عليهم ادّعاءهم ذلك بأنهم قد افتروا عليه وادعوا عليه منكراً في غاية القبح وأشنعه، حتى أن السماء تكاد أن تتصدع من فحشه وقبحه، وأن الأرض تكاد أن تتشقق وتنهد الجبال من شناعة ما يقولونه ويفترونه على الله سبحانه وتعالى.

  {أَنْ دَعَوْا⁣(⁣٢) لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ٩١ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ٩٢} لأجل


= «المجرمين» الواقع في الجملة المتصلة بـ «إلا» ولا مانع من توجيه «إلا» على أي وجه من الوجهين كما يظهر.

(١) سؤال: ما الوجه في أن أهل الأعمال الصالحة هم من اتخذ عند الرحمن عهداً؟

الجواب: الوجه ما نطق به القرآن من عدم الشفاعة للظالمين ونفيها عنهم وذلك قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ١٨}⁣[غافر]، وقوله تعالى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ٢٧٠}⁣[البقرة]، ثم ما نطق به القرآن من الوعد الكريم للمتقين دون الظالمين والكافرين والفاسقين.

(٢) سؤال: فضلاً ما محل: {أَنْ دَعَوْا} الإعرابي؟ وهل «دعوا» بمنزلة «ادعوا»؟ فما السر في استخدام «دعوا»؟

الجواب: محل: «أن دعوا» الجر بلام محذوفة أي: لأن دعوا، أو في محل نصب بنزع الخافض وهو متعلق بـ «يتفطرن»، و «دعوا» بمعنى سَمَّوا أو نسبوا، وليس بمنزلة ادَّعوا.