سورة مريم
  مقالتهم هذه وادعائهم على الله تعالى التوالد؛ لأنهم بهذا القول حطوه عن منزلة الإلهية إلى منزلة المخلوقين تعالى عما يقولون علواً كبيراً، وأخبر أنه ليس من شأنه تعالى أن يتخذ الأولاد، وأن يوصف بذلك فليس من جنس ما يتوالد.
  {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ٩٣}(١) ما دام أن كل من في السماوات والأرض ملكه وعبيده فلا يصح أن يكون له فيهم أولاد للتنافي بين العبودية والبنوة.
  {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ(٢) وَعَدَّهُمْ عَدًّا ٩٤ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ٩٥} أحصاهم في علمه بعددهم وأعمالهم، وسيحشرون إليه يوم القيامة فيحاسب كل امرئ بما عمل ولن يشفع له عند الله تعالى إلا عمله فقط فلا قرابة أو وساطة أو وجاهة.
  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ٩٦} كانت الأرض قد ضاقت على النبي ÷ وأصحابه، وذلك أنهم كانوا قلة قليلة وكانوا منبوذين عند جميع الناس قبل الهجرة، فأنزل الله سبحانه وتعالى على نبيه ÷ هذه الآية يعده بأنه سوف يجعل لهم وداً ومحبة في قلوب الناس بعد مدة من الزمان وما عليهم الآن إلا الصبر؛ يخفف الله سبحانه وتعالى على نبيه ÷ والمؤمنين ما هم فيه من الشدة والمحنة، ويحثهم على زيادة الصبر.
  {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ٩٧} أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ بأنه أنزل القرآن عليه باللغة العربية، وأنه يسر قراءته
(١) سؤال: ما معنى «إن» في قوله: {إِنْ كُلُّ}؟ وما إعراب: {عَبْدًا}؟
الجواب: «إن» نافية، و «عبداً» حال من فاعل «آتي».
(٢) سؤال: إلى من يرجع الضمير في قوله: {أَحْصَاهُمْ}؟
الجواب: يرجع إلى «من» في قوله: {مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}.