محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 572 - الجزء 2

  أشبه ذلك⁣(⁣١).

  {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ٦} ثم أكد⁣(⁣٢) على ذلك مبيناً لاستوائه على العرش بأنه الذي يملك السماوات والأرض وما فيهما، وأنهما تحت قدرته وقبضته وسيطرته.


(١) سؤال: إذا قيل: بأنه ظهر لنا تفسيركم للاستواء والعرش بما فسرتموه هنا، لكن ما المانع من أن يكون معنى العرش بناءً عظيماً فيه حكمة للملائكة خصوصاً في الأحاديث الصحيحة التي رواها الإمام زيد والإمام الهادي وأغلب المحدثين من غيرهم: «تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله» وما جاء في الوضوء: «إلا كتبت في رق تحت العرش حتى تدفع لصاحبها يوم القيامة» فظاهرها لا يحتمل التأويل؟

الجواب: لا مانع من أن يجعل الله تعالى للملائكة عرشاً في السماء يعتكفون عنده ويتوجهون إليه في صلاتهم ويطوفون به، كما جعل للناس بيتاً في الأرض «الكعبة». والممنوع تفسير الآية هنا بالبناء العظيم أو بالسرير العظيم، وتفسير الاستواء بالجلوس والقعود، فهذا هو الممنوع؛ لأن المعنى يكون: الرحمن جلس على السرير أو الكرسي أو على البيت، وليس في هذا مدح ولا ثناء على الله، مع ما يلزم من التشبيه لله تعالى وتجسيمه.

وبعد، فلم نخرج في تفسيرنا لهذه الآية عن اللغة العربية ولغة القرآن، فقد حملنا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ٥} على الكناية التي هي أبلغ من الحقيقة، وهكذا نقول فيما ورد: «تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله» أي: نحمله على الكناية التي من شأنها إرادة لازم المعنى فلازم «استوى على العرش» استولى على الملك، فمن قعد على سرير الخلافة أو عرش الخلافة كان هو المسيطر على الملك والمستولي على المملكة. ومن وضعه الملك في ظل كرسيه أو تحت ظل عرشه كان في مأمن آمن بعيداً عن المخاوف. وما كتبه الملك وسجله في قرطاس ووضعه عند رأسه أو تحت كرسيه عرفنا أنه شديد العناية به حريص على حفظه، فمن هنا فالمراد بقوله: «إلا كتبت في رق ...» حفظ العمل وثوابه لصاحبه غاية الحفظ.

(٢) سؤال: من أين نفهم هذا التأكيد؟

الجواب: المراد التوضيح والبيان لا التأكيد الاصطلاحي.