محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 576 - الجزء 2

  وأمره بأن يدخل يده في جيبه ويضعها تحت عضده الأيسر ليطلعه على آية أخرى ومعجزة تدل على صدق نبوته، وكانت تخرج بيضاء ناصعة البياض من غير برص أو أي سوء، وكان من رآها ينبهر بما يراه، ويعلم أن ذلك شيء من عند الله سبحانه وتعالى.

  {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ٢٣} وأخبره أن ذلك الذي أعطاه من الآيات والمعجزات الخارقة للعادة التي لا تدخل تحت قدرة البشر.

  {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ٢٤} ثم أمره أن يذهب إلى فرعون ليريه هذه الآيات ويخبره أنه مرسل إليه من عند الله سبحانه وتعالى؛ لأنه قد تجاوز الحد في الظلم والطغيان، وليأمره بأن يرجع إلى الله تعالى ويترك ما هو فيه.

  {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ٢٥ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ٢٦} عند ذلك دعا الله سبحانه وتعالى بأن يعينه على هذا التكليف الذي كلفه به؛ وذلك أنه كان يشكو من التسرع في أكثر الأمور ومن عدم التحمل والصبر عليها، يظهر ذلك مما كان منه في الرجل الذي وكزه فقتله عندما رآه يتخاصم مع رجل من قومه، وتسرعه في ذلك وعدم التروي والنظر فيما بينهما، وشرح الصدر بمعنى: توسعته حتى لا تستفزه الحوادث الصغيرة ولا الكبيرة.

  وكذلك دعا الله سبحانه وتعالى أن يسهل له هذه الطريق والسبيل التي أمره أن يمضي فيها التي هي تبليغ رسالته.

  {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ٢٧ يَفْقَهُوا قَوْلِي ٢٨} وكان يشكوا من انحباس في الكلام؛ لأنه كان إذا تكلم بكلام فإنه يقطع كلامه ذلك لآفة تمنعه عن الاستمرار في مواصلة الكلام، ومعنى «يفقهوا قولي»: يفهموا مخاطبتي ولا يعسر عليهم شيءٌ من كلامي.

  {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ٢٩ هَارُونَ أَخِي⁣(⁣١) ٣٠ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ٣١ وَأَشْرِكْهُ فِي


(١) سؤال: ما العلة في تأخير التعريف بالأخوة والأجدر بها التقدم هكذا: أخي هارون؟

الجواب: قدم «هارون» ليشير إلى أنه دعا الله أن يجعل هارون وزيراً له لأهليته للوزارة لا لكونه =