محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 578 - الجزء 2

  وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ٣٩} يذكره الله تعالى بنعمته عليه بعد ولادته حين أوحى إلى أمه وألهمها بأن تضعه في تابوت وتغلق عليه وتلقيه في البحر، وأوحى إليها بأن هذا التابوت يحمله الماء ثم يدفعه إلى الساحل، وأن فرعون سيأخذه وسيربيه، وأخبره بأن ذلك كان بتدبير منه، وأنه ألقى في قلب فرعون محبته والشفقة عليه، وأنه الذي سخر لتربيته أشد الناس عداوة له، يحوطونه بعنايتهم ورعايتهم، وأنه مع ذلك تحت حراسة الله تعالى وحفظه.

  {إِذْ⁣(⁣١) تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ⁣(⁣٢) أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا⁣(⁣٣) وَلَا تَحْزَنَ} وكذلك يذكره بنعمته عليه عندما ذهبت أخته


(١) سؤال: هل هذا الظرف متعلق بما قبله؟ فكيف يكون تقدير الكلام؟

الجواب: الظرف متعلق بما قبله أي: أنه بدل من الظرف الأول: {إِذْ أَوْحَيْنَا ...} وهذا متعلق بـ {مَنَنَّا}، أي: أن الله تعالى مَنَّ على موسى # بما تضمنته هذه الآيات من الحفظ والرعاية، وقد كان قذفه في التابوت ثم في اليم ثم على الساحل وأخذ فرعون له وذهاب أخت موسى لتحسس خبره في وقت واحد متصل بعضه ببعض لذلك صح إبدال الظرف الثاني من الأول، ومن الله تعالى على موسى # بمشي أخته ليس لذات المشي، وإنما من أجل ما ترتب عليه من عودة موسى إلى حضن أمه لينعم بحنانها وشفقتها ويرضع من لبنها و ... إلخ.

(٢) سؤال: ما السر في استخدام أخته للاستفهام فيما أرادت أن تخبرهم به؟

الجواب: السر في ذلك أن أخت موسى رأتهم يأتون إلى موسى بالمراضع فلا يقبل فيسألون عن المراضع فيقبلون بهن فلا يقبل، وأخت موسى ترى ذلك، فلما رأتهم تحيروا بعد أن أقبل الأدلاء بالمراضع سألتهم: هل أدلكم ... ؟ وقد كانت رأتهم يسألون الأدلاء عن المراضع حتى تحيروا، ولم يسألوها لخفاء مكانها: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ١١}⁣[القصص]، ولكنها لما رأتهم تحيروا أظهرت نفسها وسألتهم: {هَلْ أَدُلُّكُمْ ...} لظنها أنهم قد وصلوا إلى حاجة ملحة لمرضعة.

(٣) سؤال: هل قوله: {تَقَرَّ عَيْنُهَا} كناية عن الاطمئنان والراحة؟ فما وجه التلازم بينهما؟ أم =