سورة طه
  لتسأل وتتحسس من الذي أخذ التابوت، وأنها عرفت أنه في بيت آل فرعون، وكانوا خلال ذلك يبحثون له عن مرضعة ترضعه، فكان كلما وصلت مرضعة رفض أن يرضع منها، حتى وصلت أخته ورأت ما رأت فأخبرتهم بأنها ستدلهم على مرضعة ترضعه.
  وأخبره أن كل ذلك بتدبير منه تعالى ليرجع إلى أمه رحمة منه تعالى بها؛ ليخفف عنها ما هي فيه من الحزن والشدة، مع أن آل فرعون لا زالوا حريصين عليه أشد الحرص أن لا يلحقه أي سوء أو مكروه، وكانوا يعطونها مع ذلك أجرة إرضاعه.
  {وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} ويذكره أيضاً بنعمته عليه عندما وكز ذلك الرجل من آل فرعون فقتله، ثم إنه نجاه وخلصه من آل فرعون لئلا يظفروا به فيقتلوه جزاءً على ما قتل منهم، ونجاه من غم طلبهم له إذ دله على طريق ساقته إلى نبي الله شعيب # في بلد لا سلطان لفرعون فيها، فمكث عنده هارباً عشر سنين، وأخبره أنه الذي قد هيأ له ذلك، ودبّره له.
  ومعنى {فَتَنَّاكَ فُتُونًا}: أن الله قد رباك تربية حسنة حتى صرت مخلصاً له لا مكان لإبليس ولا للهوى في قلبك، يقال: فُتِنَ الذهبُ إذا أخرج خبثه(١).
= من أي أنواع الكلام هو؟
الجواب: الكلام هذا هو من الكناية فقرارة العين وسكونها ملازم للاطمئنان والراحة كما أن حركة العين ودورانها دليل الخوف والقلق بدليل قوله تعالى: {تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}[الأحزاب: ١٩].
(١) سؤال: لا زال معنى الفتن هنا غير ظاهر لنا حتى المثال الذي استشهدتم به يظهر منه الاختبار والتمييز للذهب من الخبث فلو وضحتم أكثر لكان مناسباً؟
الجواب: المعنى: أخلصناك ونقيناك من الشوائب كما يخلص الذهب من الخبث.