محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 583 - الجزء 2

  موضوع ما جاء به من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وإلى الإيمان به، وهروباً من محاججته له أمام الملأ لئلا يفتضح أمره بينهم.

  {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ٥٢} قال موسى #: أخبار القرون السالفة عند ربي لا علم لي بها، وستلقى تلك القرون جزاءها يوم القيامة على كل صغير وكبير، قد أحصى الله أعمالها فلا يخفى عليه منها شيء.

  {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} ثم عقب ذلك بوصف ربه بأنه الذي هيأ لكم هذه الأرض ومهدها لتسكنوا وتعيشوا على ظهرها، وشق لكم فيها الطرق التي تتنقلون من خلالها لحاجاتكم ومصالحكم في جميع نواحي الأرض، وليسهل لكم التواصل مع بعضكم البعض.

  {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا⁣(⁣١) بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ٥٣ كُلُوا وَارْعَوْا⁣(⁣٢) أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى ٥٤} وأخبره بأنه الذي سخر لهم السحاب الذي ينزل منه المطر، فينبت به جميع أصناف النبات الذي يأكلونه ويتنعمون فيه هم ودوابهم وأنعامهم.


(١) سؤال: يقال: ما العلة في تحويل الضمير من الغيبة إلى المتكلم في: {فَأَخْرَجْنَا} مع أنه سيشكل إذا كان لا يزال من كلام موسى #؟

الجواب: حكى الله تعالى كلام نبيه موسى # فلما بلغ في الخطابة إلى هذا الموضع أسند الإخراج إلى نفسه، لما في إخراج النبات المختلف من الآيات العظيمة الواضحة المتكررة التي تحدث أمام أعين الناظرين.

(٢) سؤال: يقال: ما العلة في أن الله سبحانه لم يأت بقوله: {كُلُوا وَارْعَوْا} على جهة الوصف فيقول: «تأكلون منه وترعون أنعامكم» مع أنه الأولى حسب ظاهر الكلام؟

الجواب: في «كلوا» و «ارعوا» التصريح بالإباحة لهم بالأكل والرعي والإذن لهم بذلك، وأنه يريد ذلك لهم، وفي هذا زيادة الامتنان عليهم.