محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 584 - الجزء 2

  وصف موسى # لفرعون ربه بما ظهر من أفعاله وآياته لينبهه هو وملأه على النظر والتفكر؛ لعلهم يستيقظون من غفلتهم، ويفكرون بعقولهم ليتوصلوا إلى معرفة الله سبحانه وتعالى، ومعنى «أولي النهى»: أولي العقول.

  {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ⁣(⁣١) وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ٥٥} يُذَكِّرُ موسى # فرعون بأصله وأنه بعيد عن مقام الربوبية، إذ هو عبد مملوك ومخلوق من التراب كسائر بني آدم، وأن مرده إليه، وأخبره بأن الله سبحانه وتعالى سيعيد خلقه مع سائر بني آدم مرة أخرى للحساب والجزاء.

  {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى ٥٦} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى بأنه قد أعلم فرعون آياته الدالة على صحة نبوة موسى وصِدْقِ دعوته وما جاء به، وأنه نبي من عند الله تعالى، ولكنه كذب وامتنع عن الإيمان غاية الامتناع، واستكبر عن قبول الحق والهدى.

  {قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَامُوسَى ٥٧ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ} أجاب فرعون على موسى بهذا الجواب، وأنه لم يأت إلا بالسحر لقصد الاحتلال لأرضهم والسيطرة عليها، وتهدده وتوعده بأنه سيأتيه بسحر يغلب سحره هذا.

  وهو بكلامه هذا يغالط قومه خوفاً من أن يؤمنوا بموسى فأوهمهم أن الذي جاء به موسى ليس إلا سحراً لئلا يصدقوه ويتبعوه، وأما في الحقيقة فقد عرف صدق موسى⁣(⁣٢) وعرف صحة ما جاء به من الآيات، وأنه نبي من عند الله.


(١) سؤال: إلى أين يعود الضمير في قوله: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ

الجواب: يعود إلى الأرض في قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا}.

(٢) سؤال: من أين عرفنا أنه قد عرف صدق موسى ... إلخ؟

الجواب: عرفنا ذلك من قوله تعالى: {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ...} فسمى الله تعالى =