سورة طه
  خَابَ مَنِ افْتَرَى ٦١} فعندما اجتمعوا وعظهم موسى وذكرهم بالله سبحانه وتعالى وأن يرجعوا إليه وأن يكونوا صادقين معه، وإلا فإنهم سيعرضون أنفسهم لسخط الله سبحانه وتعالى وعذابه، وأخبرهم أن سحرهم هذا ليس إلا كذباً وافتراءً على الله تعالى، وأنهم بفعلهم هذا يغالبون الله تعالى، ولن يستطيعوا أن يغلبوه، ومعنى «فيسحتكم»: فيستأصلكم بعذابه.
  {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ٦٢} ثم إن السحرة عندما سمعوا مقالة موسى اختلفوا فيما بينهم فاجتمعوا وتشاوروا مخفين تشاورهم، فمن قائل يقول: إن مقالة موسى هذه مقالة عجيبة، وإن الكلام الذي قاله ليس كلام ساحر؛ ومن قائل: إنه ساحر قد أبدع في سحره غاية الإبداع.
  {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى ٦٣} وكان القائلون لهذا القول من جانب الفراعنة ومن حولهم، قالوا إن ما جاء به موسى وهارون ليس إلا سحراً يريدان به أن يحتلا عليكم أرضكم، ويُنْهُوا عليكم دينكم الذي هو أمثل دين وأحسنه، ويبدلوه بدين غير دينكم.
  {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ٦٤} يتشاور سحرة مصر فيما بينهم ويشجع بعضهم بعضاً بأن يجتمعوا على كلمة واحدة ثم يقبلوا على موسى بجميعهم صفاً واحداً ليسهل قضاؤهم عليه ليحرزوا الفوز والظفر ورضا فرعون عنهم، ومعنى «أجمعوا كيدكم» أي: سحرتكم.
  {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ٦٥} ثم نادى السحرة على موسى بعد أن اجتمعوا وخططوا طالبين منه أن يختار أن يبدأ هو، أو يبدؤوا هم، وفي سؤالهم له هذا السؤال دلالة على أنهم كانوا واثقين كل الثقة بأنفسهم وظفرهم بموسى # سواء كان البادئ أو هم.