محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 587 - الجزء 2

  {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ٦٦}⁣(⁣١) فرد عليهم موسى بأن يبدؤوا، فملأوا الساحة بعصيهم وحبالهم المسحورة كأنها ثعابين تسير وسط الميدان.

  {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ٦٧ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى ٦٨} عندما رأى موسى ذلك خاف في نفسه، فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه أن لا يخاف وطمأنه بأنه سينصره على سحرهم، ومعنى «أوجس في نفسه»: أحس في نفسه.

  {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ٦٩} ثم أمره بأن يلقي عصاه لتأكل ما رموا به من الحبال والعصي المسحورة، وأخبره أنه لا حقيقة لما يراه وإنما هو كيد وسحر وأنها لن تستطيع أن تلحق بأحد أي ضرر أو مكروه، فألقى عصاه فإذا هي حية عظيمة فأخذت تلتهم ما ألقوه من الحبال والعصي حتى أتت على كل ذلك.

  {فَأُلْقِيَ⁣(⁣٢) السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ٧٠}⁣(⁣٣) عندما ألقى موسى عصاه ورأوها تلتهم ما جاءوا به من السحر عرفوا أن ما جاء به ليس من


(١) سؤال: هل في الآية هذه مأخذ في أن السحر واقعٌ حتى يظهر لمشاهده الشيء في غير صورته الحقيقية أم أنها دالة على العكس من حيث أثبتت أنه خيال لا واقع إلا أنه قد يقال: وإثباتهم للخيال دليل على تأثير السحر فما رأيكم؟

الجواب: قد قدمنا جواب هذا في سورة البقرة فليرجع إليه.

(٢) سؤال: ما السر في بناء هذا الفعل للمجهول؟

الجواب: السر هو الإشارة إلى سرعة سجودهم إثر الآية العظيمة فكأن شيئاً ألقاهم واضطرهم إلى السجود بغير اختيارهم.

(٣) سؤال: لماذا لم تعطف جملة: {قَالُوا آمَنَّا} على ما قبلها؟

الجواب: لم تعطف لأنه أريد أن تكون جواباً لسؤال مقدر، وتكون «قالوا ...» صفة في المعنى للساجدين في حال سجودهم فلم يكن «قالوا آمنا ..» شيء آخر مغاير.