محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 588 - الجزء 2

  السحر في شيء، وأن هذه العصا قد انقلبت حية حقيقية، وأنها آية من آيات الله سبحانه وتعالى، فخروا على وجوههم سُجّداً لله تعالى وآمنوا وصدقوا بأن موسى نبي مرسل من عند الله تعالى.

  {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ⁣(⁣١) الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} عندما رأى فرعون ذلك منهم غضب عليهم غضباً شديداً واستنكر فعلتهم تلك، وإيمانهم بموسى قبل أن يأذن لهم، وصاح عليهم بأن موسى ليس إلا ساحراً بل إنه كبير السحرة، وأنه الذي علمهم السحر؛ قال ذلك لأنه خاف من أهل مصر أن يؤمنوا بموسى عندما رأوا ذلك المشهد، فغالطهم ولبَّسَ عليهم بإعلانه للتهمة للسحرة بأنهم متآمرون هم وموسى وأنه هو الذي علمهم السحر.

  {فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ٧١} «في» هنا بمعنى «على» أي: على جذوع النخل، والمعنى أن فرعون بعد ذلك هددهم وتوعدهم، وأراد بقوله: {مِنْ خِلَافٍ} أن يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، وتوعدهم أيضاً بأن سيصلبهم أحياءً بعد أن يقطع أيديهم وأرجلهم ليكونوا عبرة للمعتبرين، وليرهب الحشد المحتشد في ذلك اليوم ليخافوا من اتِّباع موسى وليحذروا الإيمان به.

  {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا}⁣(⁣٢) فرد السحرة على فرعون غير خائفين من تهديده ووعيده لهم، وأخبروه بأنهم لن يؤثروا طاعته


(١) سؤال: ما السر في فصل جملة: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي ...} عن جملة: {آمَنْتُمْ لَهُ ...

الجواب: السر أن الجملة وقعت مستأنفة في جواب سؤال مقدر عن السبب والعلة لإيمانهم به.

(٢) سؤال: هل يصح أن يعطف قوله: {وَالَّذِي فَطَرَنَا} على قوله: {مَا جَاءَنَا} أم أنه قسمٌ متأخر؟

الجواب: يصح الوجهان، والعطف أولى.