محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 589 - الجزء 2

  على طاعة الله تعالى والإيمان به، وخاصة بعدما رأوا ما رأوا من الآيات البينات الدالة على صدق موسى ونبوته.

  {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي⁣(⁣١) هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٧٢} كان الإيمان قد استحكم في قلوبهم، وأيقنوا أنهم سيلاقون الله تعالى؛ فلم يبالوا بما هددهم وتوعدهم به، وأخبروه بأنه لا يستطيع أن يسيطر عليهم مهما فعل، وأنه إن تمكن منهم في الدنيا فسيردون إلى الله سبحانه وتعالى فيثيبهم وينتصف لهم منه ومن ظلمه لهم.

  {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ٧٣} أجابوا فرعون بهذا الجواب على الرغم من معرفتهم أن عاقبة أمرهم القتل⁣(⁣٢) والصلب من فرعون، ولكنهم آثروا الله تعالى وطاعته على طاعة فرعون؛ لأنهم قد تيقنوا أن ما عند الله سبحانه وتعالى هو خير لهم وأبقى مما سيعطيهم فرعون من متاع الدنيا الفانية.


(١) سؤال: هل القضاء في قوله: {تَقْضِي} مخالف للقضاء في قوله: {فَاقْضِ} بينوا ذلك حفظكم الله؟

الجواب: المعنى واحد في الموضعين أي: فاصنع ما أنت صانع إنما تصنع في الحياة الدنيا.

(٢) سؤال: هل اللازم على من ابتلي بمثل بلواهم أن يعمل كعملهم أم أن له رخصة في ذلك فما هي؟ وما الدليل عليها؟

الجواب: لا يتعين على من ابتلي بمثل بلواهم أن يعمل كعملهم بل له رخصة أن يقول بلسانه ما يرضي المتسلط عليه ليتخلص من ظلمه ولكن دون أن يرضى قلبه بما يقوله بلسانه، ودليل هذه الرخصة ما جاء في قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ...} الآية [النحل: ١٠٦]، فكما ترى فقد استثنى الله تعالى المكره من حكم الكفر إذا كفر بلسانه دون قلبه.