محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 590 - الجزء 2

  والسبب في استحكام الإيمان واليقين في قلوبهم هو ما كان من أمر عصا موسى وانقلابها حية حقيقية التهمت ما جاءوا به من السحر، فعرفوا أنها ليست بسحر وأنها آية عظيمة من آيات الله التي لا تستطيعها السحرة، وما سمعوا من كلام موسى # ووعظه لهم.

  {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا⁣(⁣١) فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا ٧٤ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا ٧٥ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ٧٦} يُحتمَلُ أن هذا من كلام السحرة في جوابهم على فرعون، ويحتمل أنه من كلام الله سبحانه وتعالى، وهو أن من لقي الله تعالى مصراً على المعاصي غير تائب منها فإن مصيره إلى جهنم خالداً فيها مخلداً، وأما من لقي الله تعالى وهو مصدق به وبما جاء به، وعمل مع ذلك الأعمال الصالحة فإن جزاءه المنازل الرفيعة والدرجات العليا من الجنة خالداً فيها أبداً، وهذا جزاء من طهر نفسه من الذنوب والآثام والمعاصي والشرك.

  {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ٧٧}⁣(⁣٢) بعد أن مكث موسى # في مصر يدعو آل


(١) سؤال: ما هو الإجرام لغة؟ وهل نقل في الشرع إلى معنى آخر فما هو؟ وهل يصلح دليلاً على خلود الفساق في النار؟

الجواب: الجرم هو الذنب، والإجرام فعل الذنب والدخول فيه، وهذا معناه في اللغة، وفي الشرع كما يظهر؛ لذلك فيكون الفاسق داخلاً في هذا الوعيد.

(٢) سؤال: هل قوله: {وَلَا تَخْشَى ٧٧} تأكيد لقوله: {لَا تَخَافُ دَرَكًا}؟ أم لها معنى آخر؟ وما هو الدرك؟ ومن أي أنواع الأسماء هو؟

الجواب: ليس قوله: «ولا تخشى» تأكيداً، وإنما المعنى المقصود: ولا تخشى الغرق، دل على ذلك أول الكلام: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} وكان قوم موسى حين فروا من فرعون وتبعهم فرعون بجنوده قد وصلوا إلى ساحل البحر، وهناك وقعوا بين مخافتين الغرق في البحر =