سورة طه
  فرعون وينذرهم نحواً من أربعين سنة أوحى الله سبحانه وتعالى إليه أن يجمع بني إسرائيل ويخرج بهم ليلاً بعيداً عن أعين فرعون وجواسيسه - وكان فرعون قد استعبد بني إسرائيل، ولا يريد أن يخرجوا من بلاده - ثم يسافر بهم # إلى الشام، وكان الله سبحانه وتعالى قد حدد لهم طريقاً يسيرون فيها، فأمرهم أن يسيروا فلا يتوقفوا إلا عند البحر، ثم أمره أن يضرب بعصاه البحر ليشق لهم طريقاً في وسطه يسيرون فيها حتى لا يدركهم فرعون وجنوده.
  {فَأَتْبَعَهُمْ(١) فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ٧٨ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ٧٩}(٢) وكان فرعون قد علم بأمر هروبهم فجمع جيشه ولحق بهم يريد أن يفتك بهم ويقتلهم، وعندما رآهم يسيرون في البحر لحق بهم فلما خرج موسى ببني إسرائيل من البحر انطبق على فرعون وجنوده فغرقوا عن آخرهم جزاءً على كفرهم بالله تعالى واتباعهم لفرعون وضلاله.
  {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ} يخاطب الله سبحانه وتعالى اليهود الذين كانوا في زمان النبي ÷ كبني قريظة والنضير وقينقاع ويهود خيبر، وكل من كان في المدينة من اليهود، ويذكرهم بأنه قد أنعم عليهم إذ نجى آباءهم من فرعون وبطشه وظلمه، وذلك لأن نعمته على آبائهم نعمة عليهم.
= أو أن يدركهم فرعون بجنوده فطمأن الله تعالى موسى وقال له: {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ٧٧} والدرك اسم للإدراك أي لا تخاف أن يدركك فرعون بجنوده.
(١) سؤال: يقال: لماذا لم يقل: فتبعهم، مع أنه يؤدي نفس المعنى؟
الجواب: قد قيل: إن معنى الفعلين واحد، وهذا القول قريب في هذا الموضع فكثيراً ما يأتي «أفعل» بمعنى أصله «فعل».
(٢) سؤال: هل في قوله: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ ...} إشارة إلى الجواب على فرعون في قوله: {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ٢٩}[غافر]؟
الجواب: نعم فيها رد لقوله ذلك ونفي لما ادعاه.