سورة طه
  التي أنعم بها عليهم سبباً في طغيانهم وضلالهم، وأخبرهم أنه سينزل عليهم غضبه وعذابه إن لم يشكروا نعمه عليهم، ومعنى «هوى»: وقع في الهاوية.
  {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢}(١) يرغب الله تعالى بني إسرائيل في التوبة والرجوع إليه، وأنه سيقبلهم مهما كانت الذنوب التي عملوها، ما داموا قد رجعوا إليه.
  والغفار هو كثير الغفران أو هو مبالغة في غفران الذنوب الكثيرة مهما كانت لمن تاب وآمن بالله تعالى وبما جاء به وعمل الأعمال الصالحة وسار في طريق الحق والهدى.
  {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى ٨٣}(٢) كان موسى # قد سبق السبعين
(١) سؤال: ما السر في استخدام أداة العطف «ثم» في قوله: {ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢} وهل هو تكرير لما قبله إذ الاهتداء هو الإيمان والعمل الصالح أم له مقصود آخر فما هو؟
الجواب: استعملت «ثم» هنا لتفيد أن ما بعدها أهم مما قبلها وأعظم وأشق، وأفضل عند الله، وليس {ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢} تكريراً لما قبله لأن المعنى المقصود بذلك ثم استقاموا على ذلك واهتدوا إلى المضي في طريق الإيمان والهدى والعمل الصالح، و «ثم» هنا مثلها في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ...}[فصلت: ٣٠]، كما في الحديث: «قل آمنت بالله ثم استقم ..»، ولا يخفى أن الاستقامة على الهدى والإيمان والعمل الصالح أشد وأشق من الدخول في ذلك.
(٢) سؤال: يا حبذا لو أعربتم: {مَا أَعْجَلَكَ}؟ وهل يتعدى «عجل» بـ «على» أو بـ «عن»؟
الجواب: «ما» اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملة أعجلك في محل رفع خبر والمعنى: أي شيء أعجلك؟ وتتعدى «عجل» بـ «إلى» كما هنا، وتتعدى بنفسها كقوله تعالى: {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ}[الأعراف: ١٥٠]، وبـ «في» كقول أمير المؤمنين #: (يا عبد الله لا تعجل في عيب أحد بذنبه فلعله مغفور له) وبالياء كقوله # في وصيته لابنه: (قبل أن يعجل بي أجلي)، وبـ «عن» كقوله #: (وحتى تعجل عن قعدتك).