محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة طه

صفحة 594 - الجزء 2

  الذين اختارهم من قومه ليذهبوا معه إلى الطور لكتابة التوراة، وكان قد وصل قبلهم فعاتبه الله سبحانه وتعالى على ذلك، وأنه كان من المفترض به أن يصلوا جميعاً، فاعتذر موسى # إلى الله سبحانه وتعالى وقال: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي⁣(⁣١) وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ٨٤} وإن ذلك لم يكن منه إلا أن الشوق دفعه لمناجاة الله تعالى، ولينال رضوانه.

  {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ٨٥} فأخبره الله تعالى بأن قومه الذين تركهم مع هارون قد افتتنوا بالعجل وقد فتنهم السامري إذ صنع لهم عجلاً وأمرهم أن يعبدوه، وقال إنه إلههم الذي ذهب موسى ليبحث عنه.

  ومعنى {فَتَنَّا قَوْمَكَ}: اختبرنا⁣(⁣٢) إيمانهم بالعجل، وكان السامري رجلاً ذا عقل ودهاء وحنكة.

  {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} وبعد أربعين يوماً من مدة غيابه عن قومه، وبعد أن انتهى من كتابة التوراة عند الطور - رجع إلى قومه وقد امتلأ غضباً وغيضاً وأسفاً عليهم من فعلتهم تلك التي فعلوها، وهي عبادتهم للعجل.

  {قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ} يعاتب قومه على عبادتهم للعجل وتركهم لعبادة الله سبحانه وتعالى، ويستنكر عليهم لماذا تركوا عبادة الله وقد وعدهم بأنه سيعزهم وسيرفع قدرهم في الدنيا، وأنه سيجعلهم خلفاء الأرض المسيطرين عليها بعد خلاصهم من فرعون وبطشه، وأنه سيوسع


(١) سؤال: فضلاً ما إعراب: {هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي

الجواب: «هم» مبتدأ، «أولاء» خبر، «على أثري» جار ومجرور خبر ثان.

(٢) سؤال: يقال: هل الاختبار بنفس العجل أم بالتخلية للسامري في عمله؟

الجواب: حصلت الفتنة بالعجل والسامري معاً حيث صنع لهم السامري العجل ودعاهم إلى عبادته فاستجابوا لدعوته وعبدوا العجل.