سورة طه
  عليهم في الرزق والنعم؟ وسألهم مستنكراً: هل طال عليكم الزمان حتى نسيتم وعد الله لكم؟ أو هل شككتم في الله تعالى أنه سيكذب عليكم؟ فهذه أرجلكم خضراء لم تجفَّ بعد من ماء البحر الذي فلقه الله سبحانه وتعالى لكم وشاهدتم فيه آياته العظيمة.
  {أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ} أم أنكم بفعلكم هذا تبحثون عما يغضب ربكم ويوجب عليكم سخطه؟
  {فَأَخْلَفْتُمْ(١) مَوْعِدِي ٨٦} وكان قد أخذ عليهم العهود والمواثيق بأن يطيعوا هارون في مدة غيبته، وأن يقيموا حدود الله سبحانه وتعالى وما أمرهم به.
  {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ٨٧} فأجابوا عليه بأن عبادتهم للعجل لم يكن بإرادتهم واختيارهم، وإنما السامري أغواهم وأعمى أبصارهم وأضلهم؛ واعتذروا له بأنه هو السبب في ذلك، وأنهم كانوا قد عادوا من مصر بحلي معهم كانوا يلبسونها فأخذ السامري هذه الحلي وألقاها في النار ليصيغها لنا على شكل عجل. ومعنى «أوزاراً»: أثقالاً.
(١) سؤال: هل الفاء عاطفة هنا؟ فعلام عطف قوله: {أَخْلَفْتُمْ}؟ وهل قوله: {مَوْعِدِي} مصدر ميمي أم اسم زمان؟
الجواب: الفاء عاطفة وعطف قوله: «أخلفتم» على قوله: {أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ ...} فالجملة المعطوفة سبب والجملة المعطوف عليها مسبب، وكان القياس أن يكون إخلاف الموعد سبباً في حلول غضب الله عليهم، إلا أنه ترك هذا وعدل إلى العكس ليفيد أن السامري وعبدة العجل تمردوا على موسى وارتكبوا فعل أكبر الكبائر من أجل أن يتوصلوا به إلى مخالفة موسى، أي: أن الذي دعاهم إلى فعل ذلك الجرم الكبير هو عصيان موسى وإخلاف موعده. و «موعدي» مصدر ميمي أي: وعدي.